![]() |
[[[]]] تأملات في قصة صاحب الجنتين[[[]]]
تأملات في قصة صاحب الجنتين بسم الله الرحمن الرحيموقفتنا اليوم مع قصة من القصص التي وردت في القرآن الكريم قصة جميلة و تحمل عبراً و فوائد عظيمة تناسب كل عصر و كل إنسان حكاية الجحود و النكران و التعالي حكاية تعلمنا أن المعطي هو الله و أن المانع هو الله و أن رزقنا و حياتنا كلها بيد الله وحده تعلمنا أن نشكر الله على نعمه و أن نكون على يقين تام بأن الملك لله و أن المال عارية مسترجعة و ظل زائل تعلمنا أن لا نتعالى على غيرنا و أن لا نتكبر و نتباهى بنعم الله علينا إنها حكاية صاحب الجنتين وردت هذه الحكاية في سورة الكهف التي نقرأها كل جمعة فما رأيكم أن نتوقف بنوع من التمحيص و التدقيق في معاني تلك القصة الهامة بسم الله الرحمن الرحيم : (( و اضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل و جعلنا بينهما زرعا ، كلتا الجنتين آتت أكلها و لم نظلم منه شيئا و فجرنا خلالهما نهرا )) إذا فقد رزق الله أحد هذين الرجلين جنتين أو بستانين كبيرين عظيمين فيهما كل ما يشتهيه و يطلبه الإنسان من زرع و على حوافهما نخل و يجري بينهما نهر يرويهما و أثمرتا بشكل كامل دون أي نقصان فيا لها من نعمة عظيمة (( و كان له ثمر فقال لصاحبه و هو يحاوره أنا أكثر منك مالاً و أعز نفرا )) ففي الوقت الذي أثمرت فيه الجنتان دعا ذلك الرجل صاحبه الفقير ليتباهى و يتكبر عليه بماله و زرعه و عزوته و أولاده و جاهه بدلاً من أن يكرمه و يحسن ضيافته و انظروا معي إلى التكبر الواضح في لفظ ( أنا ) و ما أبشع التكبر و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : (( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر )) و كم نشاهد هذه الظاهرة اليوم حيث يتكبر الأغنياء بأموالهم و أملاكهم و يعتبرون أنفسهم فوق البشر و كم تكون تلك الظاهرة مؤسفة عندما تكون بين الأصحاب .. بل بين الإخوة و الأقارب بدلا من أن يكون هناك تكافل و تعاون و محبة بين الغني و الفقير ، فكيف يتباهى الغني بماله و لا يساعد الفقير و يكرمه و من شأن هذا التكبر و التعالي أن يفكك أوصال المجتمع المسلم و ينشر البغضاء و الحقد و الحسد بين أبناء الأمة و حتى الأسرة الواحدة و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى ) و قال صلوات الله و سلامه عليه أيضا : ( ما آمن بي من بات شبعانا و جاره إلى جنبه جائع و هو يعلم به ) فمن واجب الغني أن يكرم الفقير و أن يساهم في إنشاء مشاريع لتشغيل الفقراء و رفع مستوى معيشتهم ليكون المجتمع المسلم متكافلا متحابا .. لا أن يتكبر و يطغى بما آتاه الله تعالى من مال و ملك و ذرية و بعد التكبر تتوالى الكبائر و الذنوب و يقسو القلب ليصل إلى الجحود و الكفر و العياذ بالله (( و دخل جنته و هو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا ، و ما أظن الساعة قائمة و لئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلبا )) و هنا يظلم ذلك الأحمق نفسه تماما عندما يأمن من غضب الله و مكره و يكفر بيوم الحساب فيالقسوة القلب إذا ما أعماه المال و الجشع و الجحود فصاحبنا يظن بأنه بماله قد أمن على نفسه و بأن ما عنده من نعم لن يزول أبدا فهو يظن نفسه تاجرا ذكيا و قويا بماله و أولاده و عزوته و نسي بأن الله تعالى قادر أن يأخذ كل ما منحه إياه من نعم بلمح البصر فهو من أعطاه و هو القادر على أن ينزع منه كل نعمه قال تعالى : (( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و تذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير )) و نلمح في قوله تعالى : (( و لئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلبا )) أمراً في غاية الأهمية و هو تفكير خاطئ يقع فيه الكثيرون عندما يعتبرون بأن نعم الله عليهم دليل على محبته لهم و رضاه عنهم بل قد تكون النعمة اختباراً و استدراجا من الله تعالى للعبد فكم من مستدرج بنعيمه و هو لا يدري ... فالله تعالى يختبر المرء بالنعمة تماما كما يختبره عند الابتلاء فإن شكر الله و اعترف بفضله عليه و أنفق ماله فيما يرضي الله تعالى و سعى للخير فقد نجح في الاختبار و إن تكبر و تجبر و جحد بماله فقد وقع في المحظور و لا بد من العقوبة فجأة في الدنيا أو في الآخرة و بعد كل هذا الجحود و التكبر لنتأمل معاً رد صاحبه المؤمن التقي الراضي بالله و عن الله (( قال له صاحبه و هو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ، لكنا هو الله ربي و لا أشرك بربي أحدا ، و لولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترني أنا أل منك مالاً وولدا ، فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك و يرسل عليها حسباناً من السماء فتصبح صعيداً زلقا ، أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا )) درس كامل في وقت قصير و حكم عظيمة نطق بها ذلك الرجل الصالح يذكر صاحبه بأن الله تعالى خلقه من تراب و جعل منه رجلا و رزقه و أنعم عليه يذكره بأنه لا شيء لولا فضل الله و نعمته ينبهه من الكفر و الجحود بأن يتكبر و ينسى فضل الله تعالى عليه يحذره من الشرك الخفي عندما يتكبر بماله و عزوته و يظن بأنه في مأمن و ينسب المال و النعمة لنفسه و لعمله و تجارته و يوضح له بأن الله تعالى الذي أنعم عليه قادر على أن يزيل كل هذا الملك بلحظة و أن يمنحه لمن يشاء ينبهه من عقوبات الله الرادعة إن أصر على كفره و جحوده و تكبره و يأبى المتكبر سماع النصيحة و يصر على موقفه فتأتي العقوبة الإلهية و يضيع كل شيء (( و أحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها و هي خاوية على عروشها و يقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا )) و يغرق الله الجنتين و يخسف بهما الأرض فيتأمل المتكبر جنتيه و قد زالتا تماما و يعترف بذنبه و يقر بجريمته و لكن بعد فوات الأوان (( و لم تكن له فئة ينصرونه من دون الله و ما كان منتصرا )) فأين العزوة و السند ؟؟ و أين الأولاد و الذرية ؟؟؟ و أين الخدم و الحشم و الجنود ؟؟؟ و أين النصير ؟؟ على من كنت تعتمد يا فقير ؟؟؟ على من كنت تتوكل يا مسكين ؟؟؟ (( ما عندكم ينفد و ما عند الله باق )) (( هنالك الولاية لله الحق هو خير ثوابا و خير عقبا )) فمن اتخذ الله وليا و نصيرا فقد فاز و من اعتمد على نفسه أو ماله أو جاهه فقد خسر و تختتم القصة بحكمتين عظيمتين الأولى نجدها في قوله تعالى : (( و اضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح و كان الله على كل شيء مقتدرا )) فهكذا هو نعيم الدنيا يزول و يختفي و ينتهي هشيما ضعيفا تذروه الرياح فلا تغتر أيها الغني بدنيا زائلة و ملك فان فكل هذه الدنيا لا تساوي عند الله جناح بعوضة و خير حكمة نتخذها من تلك القصة نجدها في قوله تعالى : (( المال و البنون زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا و خير أملا )) فلن ينفعك مالك و أولادك و ليس لك إلا عملك الصالح فهو الأبقى و الحمد لله رب العالمين بالتوفيق للجميع منقول للفائدة |
رد: [[[]]] تأملات في قصة صاحب الجنتين[[[]]]
جزاك الله خيرا يا أخي " المناجي " على تناولك لهذا الموضوع الرائع .
|
رد: [[[]]] تأملات في قصة صاحب الجنتين[[[]]]
|
رد: [[[]]] تأملات في قصة صاحب الجنتين[[[]]]
|
رد: [[[]]] تأملات في قصة صاحب الجنتين[[[]]]
|
رد: [[[]]] تأملات في قصة صاحب الجنتين[[[]]]
|
رد: [[[]]] تأملات في قصة صاحب الجنتين[[[]]]
|
الساعة الآن 05:10 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. Designed & TranZ By faceextra