المحاولة الأولى:
محاولة الحاكم العبيدي: الحاكم بأمر الله (توفي 411 هـ) الأولى. أراد نقل أجسادهم إلى مصر، وكلف بذلك أبا الفتوح الحسن بن جعفر، فلم يُفق بعد أن جاءت ريح شديدة تدرحجت من قوتها الإبل والخيل، وهلك معها خلق من الناس، فكانت رادعاً لأبي الفتوح عن نبش القبور وانشرح صدره لذلك، واعتذر للحاكم بأمر الله بالريح. انظر تفصيلها في: وفاء الوفاء للسمهودي (2/653).
المحاولة الثانية:
المحاولة الثانية للحاكم بأمرالله، فقد أرسل من ينبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فسكن داراً بجوار المسجد وحفر تحت الأرض فرأى الناس أنواراً وسُمع صائح يقول: أيها الناس إن نبيكم يُنبش ففتش الناس فوجدوهم وقتلوهم. المصدر السابق.
المحاولة الثالثة:
محاولة بعض ملوك النصارى عن طريق نصرانيين من المغاربة في سنة (557 هـ) في عهد الملك نور الدين زنكي. فقد رأى الملك في منامه النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أنجدني أنقذني من هذين -يشير إلى رجلين أشقرين - فتجهز وحج إلى المدينة في عشرين رجلاً ومعه مال كثير فوصل المدينة في (16يوماً)، وكان الناس بالمدينة يأتون إليه يعطيهم من الصدقات، حتى أتى عليه أهل الناس بالمدينة كلهم، ولم يجد فيهم الرجلين اللذين رآهما في المنام، فسأل الناس هلبقي أحد؟ فذكروا له رجلين مغربيين غنيَّين يكثران من الصدقة على الناس وذكروا منصلاحهما وصلاتهما، فطلبهما فأتي بهما فوجدهما اللذين رآهما في المنام فسألهما فذكراأنهما جاءا للحج وكان منزلهما برباط قرب الحجرة الشريفة، فذهب بهما إلى منزلهما فلم يجد فيه شيئاً مريباً، وذكر الناس عنده من صلاحهما وعبادتهما فبقي السلطان يطوف في البيت بنفسه، فرفع حصيراً فيه، فرأى سرداباً محفوراً ينتهي إلى قرب الحجرة الشريفة... فضربهما فاعترفا بحالهما الحقيقي وأنهما جاءا لسرقة جسد النبي صلى الله عليه وسلم... فضرب رقابهما تحت الشباك الذي يلي الحجرة الشريفة. انظر تفصيلاً أكثر في وفاء الوفا (2/648). وبعد هذه الحادثة، أمر السلطان نور الدين زنكي ببناء سور حول الحجرة الشريفة فحفر خندقاً عميقاً وصبّ فيه الرصاص.
المحاولة الرابعة:
محاولة جماعة من نصارى الشام، فإنهم دخلوا الحجاز وقتلوا الحجيج وأحرقوا مراكب المسلمين البحرية... ثم تحدثوا أنهم يريدون أخذ جسد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما لم يكن بينهم وبين المدينة إلا مسيرة يوم لحقهم المسلمون -وكانوا بعيدين منهم بنحو مسيرة شهر ونصف - فقتلوا منهم وأسروا، وكانت آية عظيمة. انظر رحلة ابن جبير (ص31-32).
المحاولة الخامسة:
حاول جماعة من أهل حلب في القرن السابع إخراج جسد الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ودفعا مالاً عظيماً لأمير المدينة فاتفقوا أن يدخلوا ليلاً فطلب الأميرُ شيخَ الخدام بالمسجد النبوي وهو شمس الدين صواب اللمطي، وأمره أن يفتح لهم الباب بالليل ويمكنهم مما أرادوا، فاهتم لذلك، فلما جاؤوه ليلاً وكانوا أربعين رجلاً فتحلهم ومعهم آلات الحفر والشموع قال شيخ الخدام: فوالله ما وصلوا المنبر حتى ابتلعتهم الأرض جميعهم بجميع ما كان معهم من الآلات ولم يبق لهم أثر... وهذه الحكاية لا تعرف عن غير شمس الدين صواب، فإنه لم يشهدها أحد غيره، وأمر الأمير بكتمها ولم يحدثبها إلا أناساً قليلين، وصواب هذا شيخ صالح أثنى عليه السخاوي كما ذكر ذلك في التحفة اللطيفة (2/248)، وذكر أن له قصة سيذكرها في ترجمة هارون بن عمر بن الزغب،ولم أجد ترجمته في المطبوع من هذا الكتاب، فالله أعلم بحقيقة الحال. وقد ذكر هذه القصة بتفصيل السمهودي في وفاء الوفا (2/653) عن المحب الطبري. والله أعلم .
والملفت أن من حاولوا سرقة الجثمان الشريف إما شيعة وإما نصارى، ولا ندري هل كان لليهود محاولات فاشلة ولم نكتشفها؟ لكن التاريخ أثبت خمس محاولات للسرقة فقط، فبالرغم من إنكارهم نبوته صلى الله عليه وسلم، ورغم مخاطر محاولة السرقة، إلا أنهم على يقين من العثور على جثمانه الشريف لم يبلي بعد، رغم مرور مئات السنين على دفنه؟ فمن أين لهم هذا اليقين إن لم تكن محاولات السرقة بإيعاز من الشيطان نفسه وبأمر منه؟ فالثابت عن أهل الكتاب والشيعة ممارستهم للسحر واتصالهم المباشر بالشياطين، إذا فهذه المحاولات تمت من قبل سحرة، وأن الشيطان كان حليفا لهم في هذه المحاولات، فالثابت أن للسحرة شأن مع جثث الأموات، لكن يظل الهدف من سرقة الجثمان الشريف مبهما حتى اللحظة.
محاولات سرقة الحجر الأسود والاعتداء عليه:
ولم تطل أياديهم الآثمة الجثمان الشريف فقط، بل طالت أقدس مقدسات المسلمين وهي الحجر الأسود، مما يدل على أن مقدسات المسلمين مستهدفة من قبل السحرة، وإليك تاريخ محاولة سرقة الحجر الأسود والاعتداء عليه:
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي لله عنهما قال: (نزل جبريل عليه السلام بهذا الحجر ـ الأسود ـ من الجنة، فتمتعوا بهن فإنكم لا تزالون بخير ما دام بين أظهركم، فإنه يوشك أن يأتي يوم فيرجع به من حيث جاء به).
وقد أزعجت دولة القرامطة الخلافة العباسية قرابة القرن من الزمن، وكانوا يسمون أنفسهم (المؤمنون المنصورون بالله والناصرون لدينه والمصلحون في الأرض)، فماذا فعل هؤلاء المصلحون:
فتكوا بحجاج بيت الله الحرام ففي موسم الحج وقتلوا نحو مائة ألف منهم، وذلك في عهد أبي طاهر القرمطي عام 319 هـ وهدموا بئر زمزم ونزعوا كسوة الكعبة واقتلعوا الحجر الأسود وأخذوه على الإحساء وبقي لديهم نحو عشرين عامًا أي حتى 339 هـ حيث أمرهم الخليفة الفاطمي بمصر بإرجاعه ففعلوا.
قال ابن خلكان: ولما أرادوا رده ـ الحجر الأسود ـ حملوه إلى الكوفة وعلقوه بجامعها حتى رآه الناس ثم حملوه إلى مكة وكان مكثه عندهم اثنين وعشرين سنة، وقد ذكر شيخنا ـ يقصد الأثير ـ أن الذي رده هو ابن سفير، وكان من خواص أبي سعيد عام 339 هـ (انظر وفيات الأعيان لابن خلكان).
وكان هجوم أبي طاهر القرمطي على الحجاج بموسم الحج يوم التروية بمكة عام 317 هـ فقتل منهم مائة ألف حاج وقتل أمير مكة وقلع باب الكعبة والحجر الأسود وأخذه إلى هجر عاصمة دولتهم وقد أصاب الله ذلك الكافر الفاجر أبا طاهر القرمطي بعدها بالجدري فأهلكه شر هلكة، فهلك في رمضان عام 332 هـ وانتهى نفوذ دولته من بعده، وقد عاث في أرض المسلمين فسادًا خلال حكمه. (1)
في عصر عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، حين حاصره الحصين بن نمير الكندي، فاحترقت الكعبة المشرفة، واحترق الحجر الأسود، فتفلق ثلاث فلق، حتى شد شعبه بن الزبير بالفضة، فكان ابن الزبير أول من ربط الركن الأسود. (2)
يتبع