1/حماية الأمن العام : حيث أن أهم أسباب القتل الاعتداء على الأعراض .
وتطبيق الزنا يقلل من عمليات الاعتداء على الأعراض ، ومن ثم يقلل من عمليات
القتل الناتج عنها وهذا ينعكس إيجابا على الأمن العام .
2/حماية الأسرة : فالأسرة لها تقديرها الخاص في الإسلام ، ومن شأن فشو
الزنا تدميرها والعصف بكيانها واضطراب العلاقة ببين أطرافها والعقوبة
الصارمة للزنا من شأنها أن تقلل من جرائم الزنا، مما ينعكس إيجابا على
الأسرة بشكل مزدوج فصاحب الأسرة الزاني تساهم العقوبة في ردعه من الزنا مما
يعود على أسرته بالاستقرار، والأسرة المعتدى عليها كذلك ستستفيد من تقليل
فرص الزنا بهذه العقوبة فيزاد استقرارها .
4/حد القذف : وهو اتهام المحصن – وهو العفيف البري- بالزنا أو نفي نسبه من
أبيه بمعنى آخر: هو اتهام بزناً لم تقم على إثباته بينة مقبولة شرعا وقد
وردت عقوبة القذف في قوله تعالى : (( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا
بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وألئك هم
الفاسقون )) فقد حددت الآية عقوبتين للقاذف إحداهما جلده ثمانين جلدة ،
والثانية عدم قبول شهادته إلا بعد توبته ، بالإضافة إلى العقوبة الأخروية
إن لم يتب .وقد شرع حد القذف لحماية سمعة الأفراد أن تلوث أو تدنس من قبل
مروجي الإشاعات الذين لا شغل لهم إلا نهش الأعراض .
فمن أجل صيانة الأعراض جاء الإسلام بحلين متكاملين :
أ- الأول : تحريكه لدوافع الإيمان ووازع الضمير حيث حرم الغيبة والتجسس
والأخذ بالظن قال تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن
بعض الظن أثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ))
ب- أما الثاني : فهو تشريع عقوبة القذف فمن لم يردعه إيمانه وتقواه ردعته العقوبة .
5-حد الخمر : من أهداف الإسلام الكبرى تحقيق مصالح الناس ودرء المفاسد عنهم
، ومن مقتضيات ذلك أنه (( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث )) وحفظ
لهم نفوسهم وعقولهم وأموالهم وأعراضهم . ومن أحكامه التي تتجلى فيها كل تلك
المقاصد تحريمه للخمر وتشريعه العقوبة لشاربها . ذلك أن الخمر تهدم تلك
الكليات جميعا وهي :النفس والمال والعقل والعرض والدين وقد يتصور المرء
لأول وهلة أن الخمر إنما تذهب العقل فقط وأن ضررها لا يتعدى ذلك . ولكن
الحقيقة أنها تذهب الدين والنفس والمال والعقل والعرض ذلك أن معاقرتها تحصر
شاربها في شهواته الدنيا دون أن يحمل فكرة عليا أو رسالة سامية وبذلك
ينطفئ وجدانه ويتبلد إحساسه الديني فلا يفيق أبداً .
كما أنها تفتك بالنفس وتؤدي إلى الأمراض القاتلة المستعصية إضافة إلى ما
تستنزفه من ثروات خاصة وعامة. ولو نظرنا إلى ما تسببه من حوادث وغياب عن
العمل ومصروفات وعلاج من الأمراض المتسببة عنها لوجدنها تكلف الدول الكثير.
ثم هي قبل ذلك تجرد الإنسان من خاصيته التي بها يتميز وهي العقل ، حيث
يلتحق بالبهائم وهو الذي سخر بطاقته العقلية التي وهبه الله ما في الكون
لمصلحته ومنفعته . – ثم إنها تتسبب في توهين الروابط الاجتماعية بما ينتج
عنها من عداوة وبغضاء جراء الأقوال والأفعال التي تصدر من شاربها تجاه
الآخرين فتسبب كل تلك المفاسد والشرور لذا حرم الإسلام الخمر تحريما قاطعا.
قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب
والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن
يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن
الصلاة فهل أنتم منتهون )) ولما كانت الخمر تسبب كل هذه المفاسد والأضرار
المادية والمعنوية فقد رتب الإسلام على شاربها عقوبة حدية .
6/الردة : وهي أن يأتي المسلم بقول أو فعل مخرج عن الإسلام .وعقوبتها
القتل. وقد وردتعقوبتها في السنة حيث ورد بشأنها عدة أحاديث منها : قوله
صلى الله عليه وسلم : (من بدل دينه فاقتلوه ) إلا أن المرتد تعطى له الفرصة
كي يتوب فإن كانت لديه شكوك أو شبهات أزيلت ووضح له الحق .فيستتاب مدة
ثلاثة أيام . وقد جاء حد الردة علاجا لحالة ظهرت بالفعل في زمن النبي صلى
الله عليه وسلم ، وهي الدخول الجماعي في الإسلام ثم الارتداد عنه بشكل
جماعي وذلك من أجل التشكيك فيه وزلزلة إيمان أهله .وقد حكى القرآن تلك
القصة (( وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه
النهار و اكفروا آخره لعلهم يرجعون )) فمن أجل أن لا تتخذ الردة وسيلة
للتشكيك في الإسلام شرع حد الردة .
ثانيا : القصاص :
وهو النوع الثاني من أنواع العقوبات في الإسلام والمقصود به ( أن يفعل
بالجاني مثل ما فعل بالمجني عليه فإن قتله قتل وإن قطع منه عضوا أو جرحه
فعل به مثل ذلك إن أمكن ما يؤد إلى وفاة الجاني والنظر في ذلك يرجع إلى أهل
الاختصاص .
-أهم قواعد القصاص : وللقصاص عدة قواعد من أهمها :
1- أن القصاص لا يستحق إلا في القتل العمد أو الجرح العمد أما الخطأ فلا
يستحق فيه القصاص .قال الله تعالى : ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم
القصاص في القتلى )) وقال تعالى : ((والجروح قصاص ))
2- أن جرائم الاعتداء على الأشخاص قد جعل الإسلام لإرادة المجني عليه أو
أوليائه دورا أساسيا في منع وقوع العقاب على الجاني حيث قرر جواز العفو
وأنه من حق المجني عليه بل ندبه إلى ذلك وأجزل له الثواب في الآخرة (( فمن
تصدق به فهو كفارة له )) فله أن يعفو عنه إلى الدية أو مطلقا من غير عوض
دنيوي .قال الله تعالى : ((وأن تعفوا أقرب للتقوى ))
3- أن توقيع العقاب وتنفيذه تتولاه السلطة العامة،ولا يتولاه أولياء الدم .
الحكمة من القصاص : بالنظر في العقوبات الإسلامية عامة والقصاص على وجه الخصوص نجد أنها تتسم بسمتين متكاملتين .
الأولى : صرامة هذه العقوبات وشدتها ، وذلك للردع عن الجريمة ، ومحاصرتها بصرامة .
الثانية : التشديد في وسائل إثبات هذه الجرائم وبالتالي التقليل من فرص
تنفيذ هذه العقوبات ، وحماية المتهمين بها وفي هذا السياق يأتي مبدأ درء
الجرائم بالشبهات وتفسير أي شبهة في صالح المتهم ، وفتح باب التوبة
واعتبارها مسقطة للحد في بعض الحدود ( كالحرابة ) وجواز العفو كما في
القصاص ، بل الندب إليه والحث عليه .
ويأتي التكامل بين هذين العنصرين من حيث أنه يجمع بين محاصرة الإجرام
وحماية المجتمع منه وصيانته حق الفرد المتهم وعدم أخذه بالظن والتهمة وكفل
له أفضل الضمانات لعدالة الحكم عليه وإنفاذه من العقوبة ما أمكن .وبذلك
يمتنع الناس – أو معظمهم على الأقل – عن هذه الجرائم لصرامة العقوبة – ولا
تنفذ هذه العقوبات عمليا إلا في النادر وبذلك يتحقق الأمن العام ، وتصان
حرمات الأفراد على حد السواء .
ثالثا : التعزير :
وهو عقوبة غير مقدرة تجب حقا لله أو لآدمي في كل معصية ( جريمة ) ليس فيها
حد ولا كفارة . والتعزير هو أوسع أنواع العقوبات ، ذلك أن الجرائم التي
حددت عقوبتها قليلة العدد أما ما عدى تلك الجرائم - جرائم الحدود والقصاص
فهو داخل ضمن نطاق التعزيرات . والتعزيرات تمثل الجانب المرن من العقوبات
بحيث يلائم الظروف المختلفة للمجتمع بما يحقق المصلحة العامة ويصلح المجرم
ويكف شره.
وقد عرف الفقه الإسلامي أنواعا مختلفة من التعزيرات تتدرج من الوعظ
والتوبيخ لتصل إلى الجلد مرورا بالعقوبات المالية والسجن وهذه التعزيرات
متروكة للاجتهاد ضمن القواعد العامة للشريعة الإسلامية والمقاصد الكلية
للإسلام بما يوازن بين حق المجتمع في الحماية من الإجرام وحق الفرد في
تحصين حرياته ورعاية حرماته .
منقول للفائدة