مراتب التشكل والتحول في الصور الحسية للروحانيين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
في هذا الفصل القيم يتحدث الإمام إبن عربي موضحا ومبينا مراتب التشكل والتحول في الصور الحسية, فيذكر طرق هذا التحول ويشرح كيفياته ويعقب ببعض أسرار كل طريقة, وهو في موضوعه نادر.
فيذكر من الطرق
(الطريقة الأولى):
وهو أن تعطي قوة تؤثر بها في عين الرائي ما شئته من الصور التي تحب أن تظهر له فيها فلا يراك إلا عليها, وأنت في نفسك على صورتك ما تغيرت لا في جوهرك ولا في صورتك.
ويشترط في هذه الطريقة أن:
" تحضر تلك الصورة التي تريد أن تظهر للرائي فيها في خيالك فيدركها بصر الرائي في خيالك كما تخيلتها ويحجبه ذلك النظر في الوقت عن أدراك صورتك المعهودة ".
(الطريقة الثانية):
أن الصورة التي أنت عليها عرض في جوهرك فيزيل الله ذلك العرض ويلبسك ما أردت أن تظهر به من صور الأعراض من حية أو أسد أو شخص آخر أنساني وجوهرك باق وروحك المدبر جوهرك على ما هو عليه من العقل وجميع القوى, فالصورة صورة حيوان أو نبات أو جماد والعقل عقل أنسان وهو متمكن من النطق والكلام, فإن شاء تكلم وأن شاء لم يتكلم .
ولكن:
الروح إذا تجسد في صورة البشر تكلم بكلام البشر لحكم الصورة عليه, وليس في قوة الروحاني أن يتكلم بكلام غير الصورة التي يظهر فيها بخلاف الأنسان وهو في غير صورة الأنسان.
(الطريقة الثالثة):
وهي أن تبقي صورة هذا الشخص على ما كانت عليه ويلبس نفسه صورة روحاني يجد ذلك الروحاني في أي صورة شاء هذا الشخص أن يظهر للرائي فيها ويغيب هذا الشخص في تلك الصورة وهي عليه كالهواء الحاف به فتقع عين الرائي على تلك الصورة الأسدية أو الكلبية أو القردية أو ما كانت كل ذلك بتقدير العزيز العليم.
(الطريقة الرابعة):
وهي أن يشكل الهواء الحاف به على أي صورة شاء ويكون الشخص باطن تلك الصورة الهوائية المشكلة في الصورة التي أراد أن يظهر فيها.
ولكن أن وقع نطق من تلك الصورة :
فلا يقع إلا باللسان المعروف عند الرائي فيسمع النغمة فيعرفها ويرى الصورة فينكرها, لا يتمكن لمن هذه حالته أن يزول عن نغمته.
ويعقب فيكشف أن هذه الطريقة من طرق الجن فيقول:
وهذه قوة الجن لمن يعرفهم فإنهم يظهرون فيما شاؤه من الصور , والنغمة منهم نغمة جن لا يقدرون على أكثر من ذلك .
وقد يقع للبعض تلبيس لقلة المعرفة :
ومن لا معرفة له بهذا القدر فلا معرفة له الجن, إلا أن ثم أقواما تلعب الجن بعقولهم فتخيل لهم في عيونهم صوراً مثل ما يخيل الساحر الحبال في صورة حيات ساعية فيحسبون أنهم يرون الجن وليسوا بجن وتكلمهم تلك الصور فيما يخيل إليهم وليست الصور بمتكلمه بخلاف تجسد الجن في أنفسهم , فمن عرف من العارفين نغمات كل طائفة عرف ما رأى ولم يطرأ عليه تلبيس فيما رآه...... فمن عرف النغمات لم تلتبس عليه صورة أصلا وقليل من يعرف ذلك ويغترون بصدق ما يظهر من تلك الصور في أوقات.
