سادساً:- لأنهم يبتغون بذلك الأنس و الأمان من الله:- (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) (البقرة:125) ويرجون دعاء مستجاباً وعفواً وغفراناً.. لقول أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " الحجاج، والعمَّار، وفد الله، إنْ دعوه أجابهم، وإن استغفروه غفر لهم "، رواه النسائي، وابن ماجة.. فإذا دعاك الملك ليؤنس وحشتك.. ويعطيك الأمان مخبراً إياك..(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:82).. ويلبي حاجاتك..(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (غافر:60).. ويغفر لك.. (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الحجر:49).. فهل ترد مثل هذه الدعوة وتدفع هذا الفضل.. أم أنك ستجيبه مسارعاً فيه فاراً إليه؟ ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (الذاريات:50)
سابعاً:- لأنهم يسعون إلى تطهير نفوسهم من أدرانها وأرجاسها:- فيصبح رصيد السيئات عندهم صفراً كيوم ولدتهم أمهاتهم ففي الحديث الذي رواه البخاري عن أبى حازم أنه قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ).. فقد بذلوا التوبة.. وزرفوا دموع الندم.. وأصروا العزم.. مصغين آذان القلوب إلى قوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (التحريم:8)
ثامناً:- لأنهم يرجون نفي الفقر و الذنوب:- للحديث الذي رواه النسائي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب، والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة ".. لأن الفقر قد أرهقهم والذنوب قد أثقلتهم.. فلما سمعوا الداعي ينادي هلموا إلى الغني ليعطيكم وينفي عنكم فقركم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر:15) هلموا إلى العفو ليعفو عنكم ويغفر لكم ذنبكم... كم ذا توَدوا أن تنزاح عن نفوسكم جبال الذنوب وأن تطلِّقوا الفقر الكئود.. فلن تجدوا ذلك إلا عند العفو الغفور الغني الودود (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مدرارا ويمددكم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً) (نوح 10-12)
تاسعاً:- ولأنهم يريدون الأجر والمثوبة من الله:- روى ابن جرير - بإسناد حسن - عن جابر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " هذا البيت دعامة الإسلام، فمن خرج يؤم هذا البيت من حاج أو معتمر، كان مضموناً على الله، إن قبضه أن يدخله الجنة وإن رده، رده بأجر وغنيمة " كم ذا تودّ القلوب المبصرة أن تكون الخاتمة هناك حيث الطهر الذي لا ذنب بعده والعطاء الذي لا مَنع بعده.. والمنة التي لا حجب لها.. اللهم إن لم تقبضنا إليك في ساحات الجهاد في سبيلك فنقسم عليك إلا قبضتنا ونحن ضيوف عليك في بيتك.. حيث فضلك و رضوانك وقد عفوت عنا و أدخلتنا دار سعادتك.
عاشراً:- كما أنهم ينتظرون الأجر من الله على نفقتهم:- فقد وعدهم حبيبهم المصطفى بذلك في الحديث الذي" رواه ابن أبي شيبة، وأحمد، والطبراني، والبيهقي، وإسناده حسن فعن بريدة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله: الدرهم بسبعمائة ضعف) وأخبر عن رب العزة قوله تعالى (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) (البقرة:272) أفلا تطمئن بأن الذي سيوفي هو رب العالمين (وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة:111)..
منقول ..