(لو أن لنا كرة ) رجعة إلي دنيانا(فنتبرأ منهم) من المتبوعين(كما تبرءوا منا) الآن (كذلك) كتبرؤ بعضهم من بعض (يريهم الله) الذي خالفوا أمره (أعمالهم) التي اقترفوها (حسرات) ندامات كائنة(عليهم وما هم) الكل (بخارجين من النار) بعد دخولهم فيها بل خلود واستقرار (يا أيها الناس كلوا) ياعباد الله (مما في الأرض) أوجده الله لكم (حلالا) مباحا(طيبا) مباركاو الآية نزلت فيمن حرموا أكل السوائب و الوصائل و البحائر (و لاتتبعوا خطوات) وقرئ بسكون الطاء وقرئ بفتحتين سبل (الشيطان) وما يحسنه لكم(إنه) الضمير للشيطان(لكم) معشر الناس (عدو مبين) فلا تتبعوه وأنزلوه في منزل العداوة كما قال تعالى ((إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا)) (إنما يأمركم) لعداوته لكم(بالسوء) بمخالفة الحق (و الفحشاء) العمل القبيح (وأن تقولوا على الله) تفتروا عليه اجتراء (ما لا تعملون) فتحرموا ما أحل ونحو ذلك (وإذا قيل) قال المؤمنون (لهم) للمجرمين ما أحل الله (اتبعوا) وامتثلوا ( ما أنزل الله) من التحليل و التحريم (قالوا) لسبق شقاوتهم (بل نتبع) ونمتثل (ما ألفينا) وجدنا (عليه ءآباءنا) من تحريم الحلال وسلوك مجاري الضلال قال الله ردا عليهم (أولوا كان آباؤهم) الذين سلكوا سبيل الضلال وتركوا طريق الحق (لا يعقلون شيئا) مما ينفعهم و لايضرهم (و لا يهتدون) إلي ما فيه نجاتهم ثم ضرب الله مثلا للكفار في عدم استماعهم لكلام النبي صلى الله عليه وسلم ودعايته الصريحة (و مثل الذين كفروا) أي نعتهم وحالهم مع من يدعوهم إلي الله (كمثل) الراعي (الذي ينعق) يصيح بالغنم وهي لا تعقل وذلك قوله
(بما لا يسمع دعاء و نداء) أي فلا يسمعون وعظه وحسن دعايته بتدبير حتى يعقلوا من ذلك شيئا بل هم كالبهائم التي تسمع صوت راعيها و لاتعقل شيئا من ذلك (صم) عن سماع ما ينفعهم لدى الله (بكم) عن النطق بما يخلصهم عند الله (عمي) عن النظر فيما يدلهم على الله (فهم لا يعقلون) شيئا من ذلك لعدم عملهم به (يا أيها الذين آمنوا) بالله و رسوله (كلوا) مستعينين بأكلكم على طاعة الله (من طيبات ما رزقناكم) أي من الحلال الذي مننا عليكم به وفي الخبر قال صلى الله عليه وسلم ‘ن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا و أن الله تعالى أمر عباده المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى ((يا أيها الرسل كلوا من الطيبات وعملوا صالحا)) وقال تعالى ((يا أيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم)) (واشكروا لله) على ما أولاكم من جميل نعمه وأحله لكم بجوده وكرمه (إن كنتم إياه تعبدون) وفي التوجه إليه مخلصون وفي الخبر قال صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى إني و الجن والإنس في نبأ عظيم أخلق و يعبد غيري وأرزق ويشكر غيري (إنما حرم) ربكم (عليكم) معشر المؤمنين ( الميتة) وهو ما فارقته الروح بغير ذكاة مما يذبح (و الدم) المسفوح كما قال تعالى أو دما مسفوحا إلا ما جاء تخصيصه عنه صلى الله عليه وسلم في قوله أحل لنا ميتتان ودمان فالميتتان السمك و الجراد وأما الدمان فالكبد و الطحال (ولحم الخنزير) بجميع أجزائه معه في التحريم (وما أهل به) من المذبوح (لغير الله) ولم يذكر اسم الله عليه كما قال تعالى ((ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه)) (فمن اضطر) احتاج حاجة فاقة فله أكله (غير باغ) أي مالم يكن خارجا عن المسلمين مخالفا لهم (و لاعاد) بأن تعدى عليهم بقطعه الطريق ونحوه من خروج لمكس وخروج آبق (فلا إثم عليه) لإذا أكل
(إن الله غفور) لمن فعل ذلك لعذره المذكور (رحيم) به حيث وسع له في ذلك(إن الذين يكتمون) ويخفون ويحرفون(ما أنزل الله من الكتاب) وهو ما في التوراة من نعته صلى الله عليه و سلم (ويشترون به) بأن يستبدلوا(ثمنا قليلا) من حقير الدنيا وخسيسها (أولئك) الفاعلون ذلك (ما يأكلون في بطونهم) الخبيثة (إلا النار) لأن عاقبتهم إليها (ولا يكلمهم الله) بل يحرمون لذة مناجاته ويبوءون بغضبه وكبير نقماته (ويوم القيامة) يوم العرض على جنابه العزيز (و لايزكيهم) يطهرهم من دون معاصيهم (ولهم) بما قدموا (عذاب أليم) شديد لا ينفك(أولئك الذين اشتروا) بفساد عقولهم (الضلالة) طريق الخسران (بالهدى) سبيل النجاة لدى الله(و العذاب) استبدلوه (بالمغفرة) لدى الله (فما أصبرهم) ما أشد صبرهم (على النار) التي هي دار غضب الجبار (ذلك) المذكور (بأن الله نزل الكتاب) القرآن (بالحق) الذي لا شك فيه (وإن الذين اختلفوا في الكتاب) وقالوا شعر و قالوا كهانة (لفي شقاق) خلاف عن الحق (بعيد) وبئس هم (ليس البر) الذي يقربكم إلي الله وقرئ البر بالرفع(أن تولوا) في صلاتكم (وجوهكم قبل المشرق) أي جهة المشرق