(يتلونه ) يقرءونه ( حق تلاوته ) فيتقونه و يعملون بما فيه ( أولئك يؤمنون به ) فليسوا كالحرفين ( ومن يكفر به ) وهم المحرفون له (فأولئك هم الخاسرون ) حيث غيروا أحكام الله لأهوائهم (يا بني إسرائيل ) أولاد يعقوب ( اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) من إخراجكم من التيه و تظليلكم بالغمام و إدراككم زمن نبي محمد ( وأنى فضلتكم على العالمين ) وجعلت منكم الأنبياء و المرسلين ( واتقوا ) واخشوا (يوما ) يوم القيامة ( لا تجزى ) لا تغنى ( نفس عن نفس شيأ ) قل أو كثر ( و لايقبل منها عدل ) فداء ( و لاتنفعها شفاعة ) فإن الشفاعة في الكافر ليس لها محل ( و لاهم ينصرون ) من عذاب الله ويمنعون ( و إذ ابتلى ) اختبر ( إبرهيم ) وقرئ إبراهام ( ربه بكلمات ) أوامر ونواهي مناسك الحج وغيرها وقرئ إبراهيم بالرفع وربه بالنصب أي دعاه بكلمات مثل رب أرني كيف تجي الموتى ( فأتمهن ) فاداهن بتمام ( قال ) الله سبحانه و تعالى له (إني جاعلك للناس إماما ) يقتدون بك ( قال ) إبراهيم ( ومن ذريتي ) أي ومن أولادي أجعل أئمة يقتدى بهم ( قال ) الله سبحانه و تعالى ( لا ينال عهدي ) و إما متي وقرئ بفتح الياء ( الظالمين ) المتعدين حدودي بالكفر وقرئ الظالمون ( وإذ جعلنا البيت ) الكعبة المشرفة ( مثابة ) مرجعا ( للناس ) يثوبون إليه من كل جهة
(وأمنا ) مأمنا لهم من الخوف وقد كان الرجل يلاقي قاتل أبيه في الحرم فلا يتجرأ عليه ( و اتخذوا ) عباد الله المؤنين ( من مقام إبراهيم مصلى ) ولما فرغ صلى الله عليه و سلم من طوافه عمد إلي مقام إبراهيم فصلى خلفه ركعتين وقرأ ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) فبين المقصود من الآية للعباد وقرئ واتخذوا بلفظ الماضي ومقام إبراهيم هو الحجر الذي كان يقف عليه حين يبني البيت ( وعهدنا إلي إبراهيم و ‘سماعيل ) بأن أمرناهما وأوصينا إليهما ( أن طهرا بيتي ) وقرئ بسكون الياء من الأوثان و الأنجاس وسائر الأدناس (للطائفين ) به ( و العاكفين ) فيه أي المقيمين عنده ( و الركع السجود ) أي المصلين ثم ( و إذ قال إبراهيم ) سائلا مولاه ( رب ذاجعل هذا ) البلد ( بلدا آمنا ) أي ذا أمن فاستجاب الله له ما سأل و في الحديث ان إبراهيم حرم مكة فلا يسفك فيها دم إنسان و لا يصاد صيده و لايقطع شجره إلا الإذخر و لا بظلم فيه أحد ( وارزق أهله ) لأنى أسكنتهم في محل ليس فيه معاش (من الثمرات) أي أنواع ما تحمل الأشجار (من آمن منهم ) من سكان البلد ( بالله و اليوم الآخر ) وعمل له (قال ومن كفر ) منهم (فأمتعه ) بالرزق في دنياه وقرئ فأمتعه من أمتع (قليلا ) مدة إقامته في الدنيا ( ثم أضطره ) ألجئه ( إلي عذاب النار ) في الآخرة وقرئ فمتعه ثم اضطره بلفظ الأمر وقرئ فنمتعه ثم نضطره ( وبئس المصير ) النار لمن كفر بالملك الكبير (واذ يرفع ) لله وفي الله
(إبراهيم) الخليل (القواعد) أصول الأساس (من البيت) الكعبة الشريفة (و إسماعيل) معه يناوله الحجارة يقولان (ربنا تقبل) عملنا وفرئ يقولان ربنا (منا إنك أنت السميع ) لدعائنا لك (العليم) بتضرعنا إليك (ربنا واجعلنا) بعنايتك بنا (مسلمين لك ) وقرئ مسلمين بالجمع ( ومن ذريتنا) أولادنا (أمة) جماعة (مسلمة لك ) منقادة مطيعة (وأرنا) أبصرنا وقرئ أرنا بسكون الراء (مناسكنا) كيفية معاملتنا لك في الحج (وتب علينا) من النظر لسواك (إنك أنت التواب) على من بكليته أتاك ( الرحيم) به تبارك علاك(ربنا وابعث) للدعوة إليك(فيهم) أي في سكان الحرم (رسولا منهم) فبعث الله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم واستجاب الدعوة وفي الخبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا دعوة إبراهيم وكان آخر من بشر بي عيسى ابن مريم (ويتلو عليهم آياتك) قرآنك العزيز فيجلو بصائرهم وينور أفئدتهم ( ويعلمهم الكتاب) الذي هو القرآن المتلو عليهم فيعلمون أسراره ويدرون حكمه وأخباره (و الحكمة) التي يعبرون بها عن حقائق الكمالات وينطقون فيها بأنواع الأسرار الخبآت (ويزكيهم) من درن المعاصي والسيئات (إنك أنت العزيز) الذي لا يغلبه شئ(الحكيم) المربي بحكمته كل حي (ومن يرغب) يعرض من العباد(عن ملمة إبراهيم) الطاهرة الطيبة (إلا من سفه) جهل (نفسه) أنها مخلوقة للحق وحقها العبادة و الطاعة لله(ولقد اصطفيناه) اخترناه بالخلة الكاملة (في الدنيا) و المقامات العلية(وإنه في الآخرة) في نهاية درجات القرب
(لمن الصالحين) بالأهلية لها(إذ قال له ربه) يدعوه لكمال الإخلاص(أسلم) أخلص دينك لله ومعاملته (قال) إبراهيم لما تحقق بذلك (أسلمت لرب العالمين) أخلصت وتوجهت بكلتي إليه (ووصى بها) باتباع الملة وقرئ أوصى بها ( إبراهيم بنيه) أولاده (ويعقوب) وصى كذلك بنيه وقرئ بالنصب (يابني) أي قال يابني (إن الله اصطفى) اختار (لكم الدين) صفوة أديانه الإسلام (فلا تموتن) أي فاثبتوا على الاإسلام فلا يأتيكم الموت ( إلا وأنتم مسلمون ) أي إلا وأنتم متحققون بالإسلام ومقاماته وكمالاته قل لليهود (أم كنتم شهداء) حضورا (إذ حضر يعقوب الموت) ونزلت حين قال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم أوصى يعقوب بنيه باليهودية حين مات (إذ قال) يعقوب حين حضره الموت (لبنيه ما تعبدون من بعدي) هذا الذي قال لهم (قالوا) بنوه (نعبد إلهك) المستحق أن يعبد ( وإله آبائك) وقرئ وإله أبيك (إبراهيم وإسماعيل وإسحق) وهو الله سبحانه وعد إسماعيل لأنه عم و العم كألاب (إلها واحدا) إله الكل (ونحن له مسلمون) وبه مؤمنون وله منقادون (تلك أمة) إبراهيم و يعقوب وما بينهما (قد خلت) مضت (لها ما كسبت) جزاء ما عملت (ولكم ما كسبتم) جزاء أعمالكم (ولا تسئلون) أنتم (عما كانوا يعملون) وهم كذلك لا يسألون عن أعمالكم
(وقالوا كونوا هودا) هذا قول اليهود (أو نصارى) وهذا قول النصارى ( تهتدوا) إن تهودتم أو تنصرتم يقولونه للمسلمين (قل) لهم أيها النبي ومن معك من المؤمنين (بل) نتبع (ملة إبراهيم) الخليل (حنيفا) مائلا إلي الحق عن الباطل ( وما كان المشركين) فنحن وهو دينا الإسلام و التوحيد وأنتم في ضلالكم (قولوا) معشر المؤمنين (آمنا بالله)(1) واعتقدنا أنه هو الإله الحقيقي المستحق أن يعبد ( وما أنزل إلينا) أي القرآن أمنا به ( وما أنزل إلي إبراهيم) من الصحف (وإسماعيل وإسحق ويعقوب و الأسباط) بالكل آمنا ( وما أوتي موسى أي آمنا بالتوراة التي أوتيها موسى (وعيسى) أي و الأنجيل الذي أوتيه عيسى ( وما أوتي النبيون) كلهم ( من ربهم) من كتب وآيات(لانفرق بين أحد منهم) كما فعلتم فنؤمن ببعض ونكفر ببعض (ونحن له) أي لله (مسلمون فإن آمنوا) اليهود و النصارى (بمثل ما آمنتم به) مععشر المؤمنين من أمة محمد (فقد اهتدوا) إلي سبيل النجاة عند الله و صدقوا بالكل واتبعوا نبينا محمدا الذي هو أشرف أحباب الله (وإن تولوا) عن الإيمان (فإنما هم في شقاق) خلاف لما أمرهم الله به ولا موافقة بينكم(2)