اللهم حققني بحقائق العبودية تحقيقا تمحو به عني كل حجاب حتى أخلو معك في حضرة قدسك خلوة يخلو بها قلبي من كل شبهة..ويقع بها ثلج الغيب على نار الهم والاهتمام، والحرص ، والاتهام .. لأكون معك في كل ذلك على ما تريد كما تريد بأن لا أريد تعجيل ما أجلت ، ولا تأجيل ما عجلت...
اللهم إني أسألك ذل العبودية.. وأسألك بذل العبودية ، عز الربوبية ، فإنه لا مذل لمن أنت ربه ، ولا معز لمن غيرك حزبه ، قلت ، وقولك الحق ، ووعدك الصدق ، ترغيما لإبليس عدونا ، وتنويها لقدرنا مع غلونا في أمرنا : ( إنَ عبادي ليس لك عليهم سلطان..)
اللهم إني أعوذ بك من الذل إلاً لك.. ومن الخوف إلاً منك.. ومن الرغبة إلاً فيك .. ومن الهيبة إلاً لك.
اللهم تولنا بولاية الإكرام وأبسط علينا أيادي الإلهام ،و اكسنا بجلابيب الإنعام..
اللهم اجعلنا من الذين أنعمت عليهم غير غضبان ولا ماكر في جميع ذلك بهم.. فإنه لا أمان لمكرك.. ولا يأس من خيرك..
اللهم أصحبنا في كل ذلك بألطاف لطائف لطفك الخفي.. واتحفنا بالعون منك في كل ما أنت مدخلنا فيه مما لا طاقة لنا بالدخول فيه إلاً بتأييدك...
اللهم واجعل لنا في كل ما نخاف منه العطب مخرجا يفضي بنا إلى فرج كما جعلت في النار بردا وسلاما لخليلك ، اللهم كما غيبته بك عن رؤية الأغيار وقد زج به في المنجنيق إلى النار فغيبنا، وكما أغنيته بك عن التعرض للدعاء ، والالتجاء إليك لعلمه بحسن تدبيرك ، ونفوذ أمرك فأغننا عن الوسائل ، والوسائط ، والأسباب ، وعن رؤية الضر من الأعداء ، والنفع من جهة الأحباب...
اللهم إنا قد اضطررنا إلى جدواك ، وما استغنينا قط عن ذاك، ولكن وقع العيان وذهب التكلان ، وانقطعت العلائق ، وتحققت الحقائق وانقطع الرجاء من غير الخالق ، وخاب الظن فيما سوى الغني الرزاق.. وقد دعانا وعدك الصادق ، وكتابك الناطق إلى الفرار إليك في السراء ، والضراء.. الانضواء إليك عند نزول البلاء ، بصادع قولك: (.. أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء..) وقد أييستنا من غيرك ، وما بقي الطمع إلاً في خيرك ، وقد تراكمت علينا ظلمات الهموم بأنواع الرسوم ، في غياهب كثائف النفوس لبقايا تعلقنا بعلائق المحسوس ، وقد غلبنا فناديناك في الظلمات ( ..أن لا إله إلاً أنت سبحانك إني كنت من الظالمين...) كما دعاك صفيك المعصوم الملتقم المغموم: يونس بن متى-عليه السلام- فاستجبت له ونجيته من غمه... اللهم كما استجبت له فاستجب لنا ، وكما نجيته من الغم فنجنا واجعلنا من المؤمنين ، وانبذنا في عراء السلامة ، والتسليم ، وذهاب الغم بحصول المسرة ، والتكريم..
اللهم واسرِ بروحي إلى حضرة قدسك ومكافحة انسك واشرح صدري لتحمل أعباء عرفانك ، ونق عن قلبي حتى أعاين عين حسن إحسانك... ومتع بصيرتي بمحاضرة ملكوت تبصرات حقائق ..دقائق..رقائق..ذرات علوم ..علم الغيب المكنون.. المخزون الذي لم تطلع عليه إلاً من ارتضيته من أنبيائك ... وأوليائك فتسلكه من بين يديه ومن خلفه رصدا... ثم أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت بها علي شكرا استوجب به المزيد منك .. إنك أنت الرب المجيد .. الفعال لما يريد يا (كهيعص) يا (حمعسق) يا حي ..يا قيوم..يا ارحم الراحمين... يا ذا الجلال والإكرام ، أسألك أن تسخر لي أجناس العالم تسخيرا تخرق به العوائد .. وتتزايد به الفوائد.. وتضمحل به العوائق... وتتلقى به الدقائق إذ لذلك خلقتنا ... وإذ بذلك شرفتنا فقلت: (.. ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا..)
اللهم كما جعلتنا خلفاء الأرض فاجعلنا رؤساء في السماء واذكرنا في الملأ الأعلى .. وشرفنا بك في المحل الأجلى .. واجعل بداية ترقينا سدرة المنتهى ... ونهاية تلقينا إلى من انتهى دون عظمة جلاله كل منتهى..( وإن إلى ربك المنتهى)
اللهم اجعل بدايتنا فيك... ونهايتنا إليك.. وخذ بنواصينا إليك.. وقدنا إلى حضرتك قود الكرام عليك ... وانصرنا ، ولا تنصر علينا.. وظفرنا ، ولا تظفر بنا .. وآثرنا ، ولا تؤثر علينا... وباسمك الكافي اكفنا .. وأعف عنا .. وعافنا... واصحبنا باللطف في سفرنا .. وفي حضرنا.. وكن الخليفة لنا في أهلنا... وتولنا في حركاتنا ، وسكناتنا... واعصمنا في إرادتنا ، وخطراتنا... ونجنا من الشكوك، والأوهام،والظنون بحبل الاعتصام..: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا..)
اللهم إني أعوذ بك من شتات الأمر ، وتفرق الأهواء.. وخيبة الرجاء .. وشماتة الأعداء... وعضال الداء ، كما استعاذ بك من ذلك نبيك الخاتم (صلى الله عليه وسلم) المجتهد الحازم... واحفظني يا حفيظ بحفاظة.. وقاية.. عناية.. حماية... منع... منيع.. سرادقات..حجب..حجاب سر قولك القديم.. الكريم.. العميم: (..إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون..) واكنفني بكنف..نصر انتصارك.. لحزبك.. وأنصارك.. ووجهني.. بوجهة .. وجاهة.. وجه.. تجليات.. جبروت.. ناسوت..لا هوت قهر قولك الصادع.. المضر النافع : (.. وإن جندنا لهم الغالبون..) وأيدني.. بتأييد.. تمهيد..تشييد..تشديد.. تعزيز..عز قولك الحق: (..فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين..) ودمر أعداءنا بتدمير تسخير عدلك الناطق بحكم قولك الصادق: (.. فأصبحوا لا ترى إلاً مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين.. ) وامدحني بمدحتك لخلاصة خاصتك الذين قلت في حقهم: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولونا ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما..)
واجعلنا اللهم ممن تحيتهم يوم يلقونك سلام ... واجعلنا من المؤمنين الذين جعلت آخر دعواهم (أن الحمد لله رب العالمين.. )
واجعلنا اللهم ممن جعلته أهلا لمكافحة خطابك في محكم كتابك إذ قلت لحزبك وأحبابك: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما..) فها أنا عبدك الضارع .. الذليل.. الخاضع أقول: لبيك اللهم ربي وسعديك والخير كله بيديك.. عبدك الضعيف بين يديك .. متعرضا لنفحات فضلك.. معولا في إصلاح حاله عليك.. قائلا امتثالا لأمرك وأداء لحق رسولك.. محبة في مخاللة خليلك : اللهم صلِّ على درة الكون وبهائه.. وشمسه وضيائه وسلم عليه وعلى آله أتم صلاة وتسليم وأتم تحية وتكريم إنك بكل شيء عليم