قال تعالى : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } ﴿الأعراف: ١٩٩﴾ يقول القرطبي : هذه الآية من ثلاث كلمات، تضمنت قواعد الشريعة في المأمورات والمنهيات. فقوله تعالى : { خُذِ الْعَفْوَ} دخل فيه صلة القاطعين ، والعفو عن المذنبين، والرفق بالمؤمنين ، وغير ذلك من أخلاق المطيعين ودخل في قوله تعالى : { وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ } صلة الأرحام، وتقوى الله في الحلال والحرام، وغض الأبصار، والاستعداد لدار القرار. وفي قوله تعالى : { وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ } الحض على التعلق بالعلم، والإعراض عن أهل الظلم والتنزه عن منازعة السفهاء، ومساواة الجهلة الأغبياء، وغير ذلك من الأخلاق الحميدة والأفعال الرشيدة." ([23]) - لقد كانت هذه الآية حاضرة في أذهان الصحابة رضي الله عنهم، يذكر بعضهم بعضا بها، إذا عرض لهم جهل جاهل . عن ابن عباس قال : قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ، فنزل على بن أخيه الحر بن قيس بن حصن ، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر ، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته ، كهولا كانوا أو شبانا . فقال عيينة لابن أخيه : يا ابن أخي ، هل لك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه ؟ قال : سأستأذن لك عليه قال ابن عباس : فاستأذن لعيينة فلما دخل قال : يا ابن الخطاب ، والله ما تعطينا الجزل ، ولا تحكم بيننا بالعدل فغضب عمر حتى هم بأن يقع به فقال الحر : يا أمير المؤمنين ، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } وإن هذا من الجاهلين فوالله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه ، وكان وقافا عند كتاب الله . الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: البخاري - المصدر:صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7286خلاصة حكم المحدث: [صحيح] - تعتبر هذه الآية من دلائل الإعجاز في القرآن الكريم، نظرا لوجازتها لفظا، واتساعها معنى بما يشهد لهذه البلاغة القرآنية العالية، التي لا تدانيها بلاغة الخلق ولو اجتمعوا إنسا وجنا .