(بالصبر) على مجاهدتها ومخالفتها حتى تتبع بكم الحق (و الصلاة ) ومؤالفتها لتألف النفوس مناجاة القدوس فتصير لكم قرة عين كما قال عليه الصلاة و السلام وجعلت قرة عيني في الصلاة وتنفرج لكم بها الكرب كما كان صلى الله عليه وسلم إذا أحزنه أملر فزع إلي الصلاة ( وإنها) أي الصلاة المشتملة على الحضور و الإقبال على الملك الغفور ( لكبيرة ) ثقيلة على المشركين و المنافقين المدبرين عن الملك المبين (إلا على الخاشعين ) المخبتين الذين هم لله متضرعون ( الذين يظنون أنهم ) في صلاتهم (ملاقوا ربهم ) وفي قراءة ابن مسعود يعلمون أي يحققون أنهم في هذه الصلاة لشدة حضوركم أن كل واحد منهم ملاقي مولاه وذلك من قبل قوله صلى الله عليه وسلم اعبد الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فإنه يراك و ايأس مما في أيدي الناس تعش غنيا و إياك وما يعتذر منه رواه ابن النجار أو إنها آخر صلاة له كما قال صلى الله عليه وسلم صل صلاة مودع فيظن أنه بعدها لا يصلي صلاة فيحسنها ظنا أنها آخر ما به يلاقي مولاه ( وأنهم إليه راجعون ) فيحسنون العمل إذا كان المرجع إليه ويحق عليهم (يابني اسرائيل ) أولاد يعقوب (اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) أي على آبائكم ( و أني فضلتكم على العالمين ) بأن جعل فيهم أهنبياء وملوكا كما قال تعالى إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم مالم يؤت أحدا من العالمين (واتقوا ) واخشوا (يوما ) هو يوم القيامة وما يقع فيه من الحساب و العذاب (لاتجزى ) لا تغنى ( نفس عن نفس شيئا ) فتحمل عنها أو تدفع ( ولا يقبل ) وقرئ بالتاء ( منها شفاعة ) لأن الشفاعة في الكافر لا تكون وهو رد لما كان يقوله اليهود آباؤنا الأنبياء يشفعون لنا ( و لايؤخذ منها عدل ) فداء ( ولاهم ينصرون ) يمنعون من العذاب ( وإذ نجيناكم ) يابني إسرائيل وقرئ نجيناكم (من آل فرعون ) وفرعون لقب لمن ملك العمالقة (يسومونكم ) يذيقونكم
سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ
(سوء العذاب ) أشده وأقبحه ( يذبحون أبنائكم ) أولادكم الذكور وقرئ يذبحون بالتخفيف وفعلهم ذلك لأن فرعون أخبرته الكهنة أنه يولد في بني إسرائيل مولود يزيل ملكه ( ويستحيون ) أي ويستبقون ( نساءكم ) بناتكم أي يبقونهن في قيد الحياة يقتلونهن ( وفي ذلكم ) الأذى (بلاء ) امتحان ( من ربكم عظببيم ) كبير ( وإذ فرقنا) فلقنا وقرئ فرقنا بالتشديد (بكم) أي بسببكم (البحر ) فجعلنا فيه اثني عشر طريقا ( فأنجيناكم ) بأن أدخلناكم في تلك الطريق و أخرجناكم منها فنجوتم من الغرق ( وأغرقنا آل فرعون ) وهو معهم ( وأنتم تنظرون ) إلي إغراقنا لهم بكفرهم ( و إذ واعدنا موسى ) وقرئ وعدنا بغير ألف ( أربعين ليلة ) وذلك بعد هلاك فرعون بإعطاء التوراة ( ثم اتخذتم العجل ) فجعلتموه إلها تعبدونه ( من بعده ) من بعد ذهاب موسى ليأتيكم بالتوراة ( وأنتم ظالمون ) يجنوحكم إلي عبادة العجل (ثم عفونا عنكم ) ما ارتكبتموه من (بعد ذلك ) الاتخاذ للعجل (لعلكم تشكرون ) آلا أنا التي وهبناكم ( و إذ آتينا ) أعطينا (موسى ) الكليم ووفيناه بوعدنا (الكتاب) التوراة ( والفرقان ) الحكم الذي يفرق بين الباطل و الحق ( لعلكم تهتدون ) إلي طريقنا المستقيم وعليه تعرجون له ( و إذ قال موسى ) كليم الله ( لقومه ) من بني إسرائيل (ياقوم إنكم ظلمتم أنفسكم ) و أبقيتموها ( باتخاذكم العجل ) صنما تعبدونه من دون الله وكان متخذا من حليهم من الذهب و الفضة مجعولا على صفة العجل كما قال تعالى ((واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا به خوار))
يتبع
"
"
"