( وما يكفر بها إلا الفاسقون ) الذين قالوا لك ما جئتنا بشئ نعرفه وما أنزل عليك من آية فنتبعك ( أو كلما عاهدوا ) الله ( عهدا ) في تصديقك وعدم المناصرة عليك وقرئ عوهدوا وعهدوا ( نبذه ) نقضه و رماه ( فريق منهم ) جماعة منهم ( بل أكثرهم لا يؤمنون ) وإن أظهر البعض ذلك فهم مبطنون النفاق ( ولما جاءهم رسول ) وهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ( من عند الله ) يدعو إليه ( مصدق ) موافق ( لما معهم ) للتوراة المحتوية على وصفه (نبذ ) طرح ورمى ( فريق من الذين أوتوا الكتاب ) التوراة ( كتاب الله ) هي أيضا لأن تركهم للعمل بما فيها من تصديق النبي صلى الله عليه وسلم هو نبذها كلها ( كتاب الله ) هي أيضا لأن تركهم للعمل بما فيها من تصديق النبي صلى الله عليه وسلم هو نبذها كلها ( وراء ظهورهم ) وأعرضوا عنها ( كأنها لا يعلمون ) وما ذاك إلا حسدا وعنادا وبغضا للنبي صلى الله عليه وسلم ( واتبعوا ) علماء اليهود ( ما تتلوا الشياطين ) من السحر ( على ملك سليمان ) أي على زمان ملكه أنهم كانوا يسترقون السمع فيضمون إلي ما سمعوه أكاذيب ويلقونها إلي الكهنة فيدونونها و للناس يعلمونها وشاع أن الجن تعلم الغيب وأن ملك سليمان تم بهذا العلم وأنه بمثل هذه الأسحار كان ملكه ( وما كفر سليمان ) بزعمهم الفاسد أنه كان ساحرا وإنما هو نبي من خاصة الله ورسله ( ولكن ) وقرئ مخففا (الشياطين ) المضلين عن الطريق الملك المبين ( كفروا ) بإضلالهم من تبعهم ( يعلمون الناس السحر ) فضلوا وأضلوا وفي غضب الله حلوا ( وما أنزل على الملكين ) أي ويعلمونهم ما أنزل على الملكين وقرئ على الملكين بكسر اللام ( ببابل ) بلد من سواد العراق ( هاروت وماروت ) وهما ملكان أنزلا لتعليم السحر وقرئ هاروت و ماروت بالرفع ( وما يعلمان ) الملكان ( من أحد ) السحر ( حتى يقولا ) له وينصحاه نهيا عن تعلمه ( إنما نحن فتنة ) ابتلاء و اختبار من الله ( فلا تكفر ) فإنه لا يجتمع علمه و العمل به مع الإيمان ( فيتعلمون ) السابق لهم الخذلان ( منهما ) من هاروت وماروت ( ما يفرقون به ) الضمير للسحر ( بين المرء وزوجه ) بأن يفعلوا لهما شيئا يوقع بينهما البغض و الكره ( وما هم ) فاعلوا السحر ( بضارين به ) أي بالسحر ( من أحد ) من العباد ( الا بإذن الله ) فاعلم أنه لا يضر و لا ينفع الا الله ( ويتعلمون ) السحر ( ما يضرهم ) في آخرتهم ( ولا ينفعهم ) في دنياهم ( ولقد علموا ) اليهود ( لمن اشتراه ) الضمير للسحر أي استبدله بكتاب الله ) ماله في الآخرة ) لدى الله ( من خلاق ) نصيب وحظ ( ولبئس ما ) بئس شيئا ( شروا به أنفسهم ) وهو بيعها بما يوجب عذاب الله ( لو كانوا يعلمون ) أن تعلمه موجب للخسار ودخول النار ( ولو أنهم ) أي اليهود ( آمنوا ) بالله ورسوله وكتابه ( واتقوا ) خافوا عقاب الله فلم ينبذوا كتابه ولم يعلموا بالسحر ( لمثوبة ) أي لأثيبوا مثوبة ( من عند الله ) ومن خذائن رحمته ( خير ) لهم مما شروا به أنفسهم ( لو كانوا يعلمون ) أن ما عند الله من الثواب وحسن المآب خير لمن أقبل عليه وترك سواه و امتثل أوامره وسعى في رضاه (يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا ) لنبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ( راعنا ) فإنكم لما قلتم ذلك وقصدكم به المراعاة والتأني فيما يقوله لكم حتى تفهموا قال اليهود ذلك اللفظ وقصدوا به سبا قاتلهم الله فإذا اجتنبتم ذلك فهم يجتنبوه وقرئ راعونا ( قالوا انظرنا ) بدل راعنا ( واسمعوا ) لما قلناه لكم وسدوا على اليهود باب مكايدهم ( وللكافرين عذاب أليم ) المتجرئين على الرسول العظيم ( ما يود ) يحب ويتمنى ( الذين كفروا من أهل الكتاب ) لعداوتهم لكم وبغضكم ( ولا المشركين ) من العرب ( أن ينزل عليكم من خير من ربكم ) من الوحي الدال لكم إلي سبيل السعادة الموصلة لنعيم الجنة المحسوسة وزيادة ( والله يختص برحمته ) و نبوته وحكمته ( من يشاء ) ‘دخاله في ديوان خاصته ( والله ذو الفضل العظيم ) الذي لا يتناهى و لايحيط به مخلوق ( ما ننسخ من آية ) نزلها إما لفظها مع حكمها أو حكمها فقط وقرئ ننسخ بضم النون ( أو ننسها ) نؤخرها ونرفع تلاوتها وقرئ ننسها وتنسها على البناء للمفعول وننسكها بإظهار المفعولين ( نأت بخير منها ) في المنفعة للعباد و الثواب في المعاد ( أو مثلها ) أي أو نأت بمثلها ثوابا وتكليفا ( ألم تعلم ) أيها النبي صاحب القدر الكبير ( أن الله على كل شئ قدير ) من النسخ والإتيان بالمثل وغير ذلك ونزلت الآية حين قال اليهود يأمر محمد أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ما هو أي القرآن إلا كلام محمد ( ألم تعلم ) أيها المصطفى ( أن الله له ملك السموات و الأرض ) يتصرف فيهما كما يختار ( وما لكم ) أمة النبي محمد أنتم ونبيكم ( من دون الله ) من غيره ( من ولى ) يتولى تأييدكم ( ولا نصير ) من الأذية يمنعكم ونزلت الآية حين طلب أهل مكة من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوسعها وأن يجعل الصفا ذهبا ( أم ) بل ( أتريدون ) معشر المكذبين ( أن تسألوا رسولكم ) وتقترحوا عليه بالسؤال ( كما سئل موسى ) أي سأله اليهود ( من قبل ) فقالوا أرنا الله جهرة وقلتم لنبينا محمد صلى الله عليه و سلم لن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه ( ومن يتبدل ) يتعوض و يأخذ ( الكفر بالإيمان ) ويترك الأخذ بالآيات البينات ( فقد ضل سواء ) وسط ( السبيل ) وحاد عن طريق الحق ( ود) أحب ( كثير من أهل الكتاب ) علماء اليهود و النصارى ( لو يردونكم ) ويصدونكم ( من بعد إيمانكم ) من بعد أن تحليتم بالإيمان ( كفارا ) مرتدين ( حسدا ) وذلك منهم حسدا لكم ( من عند أنفسهم ) الخبيثة المعرضة عن الله ( من بعد ما تبين ) وظهر (لهم ) لليهود ( الحق ) بصدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم (فاعفوا ) عن عقوبتهم واتركوهم ( واصفحوا ) أعرضوا عن مجازاتهم ( حتى يأتي الله ) لكم ( بأمره ) بالقتال فقاتلوهم ( إن الله على كل شئ قدير ) من الانتقام منهم و غيره ( وأقيموا الصلاة ) وأدوا أركانها بقلوب حاضرة متوجهة صادقة وإقامتها أن تصلي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وفي الحديث صلوا كما رأيتموني أصلي وكان صلى الله عليه وسلم إذا كبر لا فتتاح الصلاة يرفع مرة يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ومرة أرفع من ذلك ومرة كما في رواية أبي دواد لو كنت قدام النبي