(ومن حيث خرجت) أي من أي موضع خرجت(فول وجهك شطر المسجد الحرام) وقد أكدنا عليك ولأتباعك ذلك فلا كلام(وحيثما كنتم) من الجهات (فولوا) وجهوا(وجوهكم) في صلاتكم(شطره) نحوه(لئلا يكون) في التولي إلي غير الكعبة(للناس عليكم حجة) مجادلة فلا تبالوا قول اليهود تجحدون ديننا وتتبعون قبلتنا وقول المشركين تدعى ملة إبراهيم وتخالف قبلته(إلا الذين ظلموا) أنفسهم (منهم) بالعناد حتى أدخلوها في طرق الفساد(فلاتخشوهم) تخافوهم وتبالوا بحاججتهم(واخشوني) خافوني واجتهدوا فيما أمرتكم به(ولأتم نعمتي عليكم) بالتأييد عليهم( ولعلكم تهتدون) إلي سبيل الحق فتنصروا(كما) أنعمت عليكم بالاهتداء إلي القبلة(أرسلنا فيكم) سيد المرسلين جملة (رسولا منكم) محمدا صلى الله عليه وسلم(يتلو عليكم) لهدايتكم(آياتنا) القرآن(ويزكيكم) ويطهركم من الآثام(ويعلمكم الكتاب) ومافيه من الأحكام(و الحكمة) الأسرار الإلهية (ويعلمكم ما لم تكونوا) من قبل (تعلمون) من أنواع القربات إلي و الى الهبات(فاذكروني) (1) بأنواع الأذكار (أذكركم) في حضرتي وأجازكم بما ليس له انحصار وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه قال من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملء ذكرته في ملء خير منهم (واشكروا لي) على ما أوليتكم ( و لا تكفرون) فتجحدوا نعمتي
.........................................
(1) (قوله فاذكروني) أي اذكروني بلا غفلة أذكركم بلا مهلة اذكروني بالندم أذكركم بالكرم اذكروني بالمعذرة أذكركم بالمغفرة اذكروني بالإخلاص أذكركم بالاختصاص اذكروني بالقلوب أذكركم بكشف الكروب اذكروني بلا نسيان أذكركم بالأمان اذكروني ذكرا فانيا أذكركم ذكرا ياقيا اذكروني بصفاء السر أذكركم بخالص البر اذكروني بالصفو أذكركم بالعفو اذكروني بالتعظيم أذكركم بالتكريم اذكروني بالمناجاة أذكركم بالنجاة اذكروني بترك الجفاء أذكركم بحفظ الوفاء اذكروني بالجهد في الخدمة أذكركم بالنعمة ولذكر الله أكبر ا هـ.
(يا أيها الذين آمنوا) السالكين سبيل الإيمان (استعينوا) على إدراك الدرجات العلى(بالصبر) على المصيبة وعلى الطاعة وعن المعصية وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم الصبر ثلاثة فصبر على المصيبة وصبر على الطاعة وصبر على المعصية (1) فمن صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلثمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين السماء و الأرض ومن صبر على الطاعة كتب الله له ستمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرضين إلي منتهى العرش ومن صبر على المعصية كتب الله له تسعمائة درجة ما بين الدرجتين كما بين تخوم الأرضين إلي منتهى العرش مرتين (و الصلاة) التي هي رأس الدين ( ‘ن الله مع الصابرين) بالنصر و الظفر المبين(و لا تقولوا لمن يقتل) (2) يقتله الكفار (في سبيل الله) وطلب ‘علاء كلمته (أموات) ليسوا كذلك (بل أحياء) قال صلى الله عليه وسلم إن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تعلق من ثمر الجنة (ولكن لا تشعرون) بحياتهم وما هم فيه من النعيم (ولنبلونكم) نعاملكم معاملة المختبر(بشئ من الخوف) من أعدائكم (والجوع) بالقحط(ونقص من الأموال) في البر و البحر (والأنفس) قتلا وموتا ( والثمرات) بالحوائج فإذا فعلنا بكم ذلك ننظر أتصبرون أم لا ( وبشر الصابرين) من العباد على ذلك الابتلاء
...................................................
(1) قوله (على المعصية) أي عنها ا هـ تقرير ختم.
(2) قوله (تعالى و لا تقولوا الخ) نزلت في قتلى بدر من المسلمين وكانوا أربعة عشر رجلا ، وكان الكفار يقولون للشهداء على طريق الطعن إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقتلون أنفسهم في الحرب بغير سبب ثم يموتون فيذهبون فنهى المسلمون أن يقولوا مثل هذا القول ا هـ.