11)- إذا رأيت رؤيا فلا تقصصها إلا على حبيب أو صاحب رأي :
عن أبي قتادة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الرؤيا الصالحة من الله ، والرؤيا السوء من الشيطان فمن رأى رؤيا فكره منها شيئا فلينفث عن يساره وليتعوذ بالله من الشيطان فإنها لا تضره ولا يخبر بها أحدا 0 فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر ولا يخبر بها إلا من يحب ) ( صحيح الجامع 3532 ) 0
قال ابن منظور : ( والرؤيا : ما رأيته في منامك – لسان العرب – 14 / 297 ) 0
قال المناوي : ( " الرؤيا الصالحة " وصفت بالصلاح لتحققها وظهورها على وفق المرئي " من الله والرؤيا السوء من الشيطان فمن رأى رؤيا يكره منها شيئا فلينفث عن يساره ويتعوذ بالله من الشيطان فإنها لن تضره " جعل هذا سببا لسلامته من مكروه يترتب عليها كما جعل الصدقة وقاية للمال وسببا لدفع البلاء " ولا يخبر بها أحدا " لأنه ربما فسرها تفسيرا مكروها لظاهر صورتها وكان ذلك محتملا فوقعت كذلك بتقدير الله " فإن رأى رؤيا حسنة فليبشر " بضم الياء وسكون الموحدة من البشارة وروي بفتح الياء وسكون النون من النشر وهو الإشاعة قال عياض وهو تصحيف " ولا يخبر بها إلا من يحب " لأنه لا يأمن ممن لا يحبه أن يعبره على غير وجهه حسدا وليغمه أو يكيده ( قَالَ يَا بُنَىَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ) ( سورة يوسف – الآية 5 ) ( تنبيه ) قال الغزالي : الرؤيا انكشاف لا يحصل إلا بانقشاع الغشاوة عن القلب فذلك لا يوثق إلا برؤيا الرجل الصالح الصادق ومن كثر كذبه لم تصدق رؤياه ومن كثر فساده ومعاصيه أظلم قلبه فكان ما يراه أضغاث أحلام ولهذا أمر بالطهارة عند النوم لينام طاهرا أو هو إشارة لطهارة الباطن أيضا فهو الأصل وطهارة الظاهر كالتتمة ) ( فيض القدير – 4 / 46 ) 0
قلت : وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الحديث آنف الذكر بقوله : " فلا يخبر بها إلا من يحب " وذلك بسبب أن الرؤيا تقع كما تفسر من قبل الغير ، كما ثبت من حديث أبي رزين - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر ، فإذا عبرت وقعت ، ولا تقصها إلا على واد أو ذي رأي ) ( السلسلة الصحيحة 119 ، 120 ) ، والله تعالى أعلم 0
12)- لا تخلون بامرأة أجنبية لا تحل لك :
عن عامر بن عقبة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ) ( صحيح الترمذي 934 ، 1758 ) 0
قال المباركفوري : ( " لا يخلون رجل بامرأة " أي أجنبية " إلا كان ثالثهما الشيطان " والمعنى يكون الشيطان معهما يهيج شهوة كل منهما حتى يلقيهما في الزنا ) ( تحفة الأحوذي - 6 / 320 ) 0
13)- عليك بالتأني واحذر من العجلة :
عن أنس - رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( التأني من الله ، والعجلة من الشيطان ) ( السلسلة الصحيحة 1795 ) 0
قال المناوي : ( " التأني " أي التثبت من الأمور " من الله والعجلة من الشيطان " قال ابن القيم : إنما كانت العجلة من الشيطان لأنها خفة وطيش وحدة في العبد تمنعه من التثبت والوقار والحلم وتوجب وضع الشيء في غير محله وتجلب الشرور وتمنع الخيور وهي متولدة بين خلقين مذمومين التفريط والاستعجال قبل الوقت قال الحرالي : والعجلة فعل الشيء قبيل وقته
الأليق به ) ( فيض القدير – 3 / 277 ، 278 ) 0
14)- لا تنس ذكر الله قبل الطعام :
عن حذيفة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان ليستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه ، وأنه جاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده وجاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها ، فوالذي نفسي بيده إن يده في يدي مع أيديهما ) ( صحيح الجامع 1653 ) 0
قال شمس الحق العظيم أبادي : ( " إن الشيطان ليستحل الطعام " أي يتمكن من أكل ذلك الطعام 0 والمعنى أنه يتمكن من أكل الطعام إذا شرع فيه إنسان بغير ذكر الله تعالى 0 وأما إذا لم يشرع فيه أحد فلا يتمكن وإن كان جماعة ، فذكر اسم الله بعضهم دون بعض لم يتمكن منه ، قاله النووي " إن يده لفي يدي مع أيديهما " أي أن يد الشيطان مع يد الرجل والجارية في يدي ) ( عون المعبود - 10 / 172 ) 0
15)- اجعل لسانك رطبا بذكر الله والاستغفار :
عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الشيطان قال : وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم ، فقال الرب : وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ) ( صحيح الجامع 1650 ) 0
قال المناوي : ( " إن الشيطان " لفظ رواية أحمد إن إبليس بدل الشيطان " قال وعزتك " أي قوتك وشدتك " يا رب لا أبرح أغوي " أي لا أزال أضل " عبادك " الآدميين المكلفين يعني لأجتهدن في إغوائهم بأي طريق ممكن " ما دامت أرواحهم في أجسادهم " أي مدة دوامها فيها " فقال الرب وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني " أي طلبوا مني الغفران أي الستر لذنبهم مع الندم على ما كان منهم والإقلاع والخروج من المظالم والعزم على عدم العود إلى الاسترسال مع اللعن وظاهر الخبر أن غير المخلصين يرجون من الشيطان وليس آية ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ ) ( سورة ص – الآية 82 ، 83 ) ، ما يدل على اختصاص النجاة بهم كما وهم لأن قيد قوله تعالى ( مَنْ اتَّبَعَكَ ) ( سورة الحجر – الآية 42 ) ، أخرج العاصين المستغفرين إذ معناه ممن اتبعك واستمر على المتابعة ولم يرجع إلى الله ولم يستغفر ثم في إشعار الخبر توهين لكيد الشيطان ووعد كريم من الرحمن بالغفران قال حجة الإسلام لكن إياك أن تقول أن الله يغفر الذنوب للعصاة فأعصي وهو غني عن عملي فإن هذه كلمة حق أريد بها باطل وصاحبها ملقب بالحماقة بنص خبر : الأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ، وقولك هذا يضاهي من يريد أن يكون فقيها في علوم الدين فاشتغل عنها بالبطالة وقال إنه تعالى قادر على أن يفيض على قلبي من العلوم ما فاضه على قلوب أنبيائه وأصفيائه بغير جهد وتعلم فمن قال ذلك ضحك عليه أرباب البصائر وكيف تطلب المعرفة من غير سعي لها والله يقول : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى ) ( سورة النجم – الآية 39 ) ، ( إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) " سورة الطور – الآية 16 ، وسورة التحريم – الآية 7 " ) ( فيض القدير - 2 / 351 ) 0
16)- إذا نمت فأطفأ السراج :
عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا نمتم فأطفئوا سرجكم ، فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم ) ( صحيح الجامع 816 ) 0
ويعني - عليه الصلاة والسلام - في قوله ( فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فيحرقكم ) أي ( الفأرة ) ، كما ثبت من حديث عبدالله بن سرجس – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا نمتم فأطفئوا المصباح ، فإن الفأرة تأخذ الفتيلة فتحرق أهل البيت ، وأغلقوا الأبواب ، وأوكؤا الأسقية ، وخمروا الشراب ) ( صحيح الجامع 815 ) 0
قال ابن منظور : ( وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : خمروا آنيتكم ، قال أبو عمرو : التخمير التغطية ، وفي رواية : خمروا الإناء وأوكوا السقاء - لسان العرب – 4 / 258 ) 0
قال المناوي : ( " إذا نمتم " أي أردتم النوم " فأطفئوا " أخمدوا وأسكتوا " المصباح " السراج " فإن الفأرة تأخذ الفتيلة " تجرها من السراج " فتحرق أهل البيت " أي المحل الذي به السراج ، وعبر بالبيت لأنه الغالب " وأغلقوا الأبواب " فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا " وأوكؤا الأسقية " اربطوا أفواه القرب " وخمروا الشراب " غطوا الماء وغيره من المائعات ولو بعرض عود ، قال ابن دقيق العيد كالنووي : وقضية العلة أن السراج لو لم تصل إليه الفأرة لا يكره بقاؤه وقد يجب الإطفاء لعارض 0 قال ابن حجر : وكذا لو كان على منارة من نحو نحاس أملس لا يمكن لفأرة صعودها ، لكن قد يتعلق به مفسدة أخرى غير جر الفتيلة كسقوط شرره على بعض متاع البيت ، فإن أمن زال المنع لزوال العلة : قال ابن دقيق العيد : وهذه الأوامر لا يحملها الأكثر على الوجوب ) ( فيض القدير - 1 / 449 ) 0
17)- لا تذهب إلى الأسواق إلا للحاجة :
عن سلمان - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تكونن إن استطعت أول من تدخل السوق ، ولا آخر من يخرج منها فإنها معركة الشيطان وفيها ينصب رايته ) ( أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " - 6 / 309 ، والهيثمي في " مجمع الزوائد " – 4 / 77 ، والهندي في " كنز العمال " - برقم ( 9334 ) ، والخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " - 12 / 426 ، وابن الجوزي في " العلل المتناهية " - 2 / 100 ، وابن القيسراني في " تذكرة الموضوعات " - برقم ( 975 ) - وقال الهيثمي عنه ، رجاله رجال الصحيح ) 0
18)- كفوا صبيانكم عند فوعة الشياطين ( وقت الغروب ) :
عن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفوا صبيانكم عند العشاء ، فإن للجن انتشارا وخطفة - قال صاحب عون المعبود : انتشارا وخطفة : أي سلبا سريعا - ) ( صحيح الجامع 4492 ) 0
قال المناوي : ( " كفوا صبيانكم " عن الانتشار " عند العشاء فإن للجن " حينئذ " انتشارا " أي تفرقا " وخطفة " أي استيلاء بسرعة ) ( فيض القدير – 5 / 8 ) 0
قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( قال ابن الجوزي : والحكمة في انتشارهم : أن حركتهم في الليل أمكن منها لهم في النهار ، لأن الظلام أجمع للقوى الشيطانية من غيره ، وكذلك كل سواد ، ولهذا قال في حديث أبي ذر : ( فما يقطع الصلاة ؟ قال : الكلب الأسود شيطان ) أخرجه مسلم " صحيح الجامع 719 " ) ( صحيح الجامع 13 / 69 ) 0
19)- اقتصد ولا تكن من المسرفين :
عن جابر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فراش للرجل ، وفراش لامرأته ، والثالث للضيف ، والرابع للشيطان ) ( صحيح الجامع 4198 ) 0
قال النووي : ( قال العلماء : معناه أن ما زاد على الحاجة فاتخاذه إنما هو للمباهاة والاختيال والالتهاء بزينة الدنيا ، وما كان بهذه الصفة فهو مذموم ، وكل مذموم يضاف إلى الشيطان ، لأنه يرتضيه ، ويوسوس به ، ويحسنه ، ويساعد عليه 0 وقيل : أنه على ظاهره ، وأنه إذا كان لغير حاجة كان للشيطان عليه مبيت ومقيل ، كما أنه يحصل له المبيت بالبيت الذي لا يذكر الله تعالى صاحبه عند دخوله عشاء 0 وأما تعديد الفراش للزوج والزوجة فلا بأس به ، لأنه قد يحتاج كل واحد منهما إلى فراش عند المرض ونحوه وغير ذلك ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 250 ) 0
قال الخطابي : ( فيه دليل على أن المستحب في أدب السنة أن يبيت الرجل على فراش ، وزوجته على فراش آخر ، ولو كان المستحب لهما أن يبيتا معاً على فراش واحد لكان لا يرخص له في اتخاذه فراشين لنفسه ولزوجته ، وهو إنما يحسن له مذهب الاقتصاد والاقتصار على أقل ما تدعو إليه الحاجة والله أعلم ) ( نقلاً عن كتاب " مكائد الشيطان " – ص 34 ) 0
وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن معنى الحديث فأجاب - حفظه الله - المعنى أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - يحذر من الإسراف واتخاذ أكثر من اللازم ولا سيما في زمن كزمن الرسول - عليه الصلاة والسلام - الناس يحتاجون فيه إلى الأموال التي يبذلونها في أمور أنفع وأهم ، وإنما نسبه إلى الشيطان لأنه من الإسراف ، وقد قال تعالى : ( وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) " سورة الأنعام – الآية 141 " ) ( لقاء الباب المفتوح ( 8 ) - الشيخ محمد بن صالح العثيمين - ص 22 - 23 ) 0
أسأل الله سبحانه وتعالى بفضله ومنه وكرمه أن يقينا شياطين الإنس والجن ، وأن لا يجعل لهم إلينا طريقاً ولا سبيلا