(فمن تمتع) أي استمتع منكم (بالعمرة) بسبب خلاصة منها بممنوعات إحرامه (إلي الحج) إلي الاحرام به وذلك بأن يكون أحرم بالعمرة في أشهر الحج (فما استيسر) أي فعليه ما تيسر (من الهدي) وهو شاة و ذبحها بعد ال‘حرام به (فمن لم يجد) ثمن هدي(فصيام ثلاثة أيام) يلزمه (في الحج) أي في زمن إحرامه به (وسبعة إذا رجعتم) إلي أهلكم فصوموهن وقرئ سبعة بالنصب (تلك) الأيام المصومة(عشرة)ثلاثة قبل الوقوف وسبعة بعد الرجوع إلي الوطن(كاملة لا ينقص منها يوم واحد(ذلك) الحكم المتقدم من الصيام وجوب الهدى على من تمتع (لمن لم يكن) من الحجاج (أهله حاضري المسجد الحرام) بأن يكون على مسافة القصر (واتقوا الله) في ملازمة ما يأمركم به واجتناب ما ينهاكم عنه (واعلموا أن الله) عند تعدي حدوده (شديد العقاب) وبطشه شديد (الحج) زمنه (أشهر معلومات) وهي شوال و ذو القعدة وعشر ذي الحجة الأول (فمن فرض) أوجب على نفسه (فيهن) الضمير للأشهر (الحج) بأن أحرم (فلا رفث) بعد ذلك (و لا فسوق) أيضا (و لا جدال في الحج) وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم الرفث الإعراب و التعريض للنساء بتالجماع و الفسوق المعاصي كلها و الجدال جدال الرجل صاحبه (وما تفعلوا من خير) كم صلاة أو صوم أو حج أو غير ذلك (يعلمه الله) فيجازيكم به (وتزودوا) لآخرتكم (فإن خير الزاد) للمعاد (التقوى) تقوى الله جل شأنه وفي الخبر قال صلى الله عليه وسلم خير الزاد التقوى وخير ما ألقى في القلب اليقين رواه أبو الشيخ في العظمة (واتقون) بامتثال أوامري و اجتناب نواهي
(يا أولي الألباب) يا أهل العقول السليمة و الأفهام المستقيمة (ليس عليكم جناح) إثم (أن تبتغوا) تطلبوا (فضلا من ربكم) إذا ذهبتم إلي الحج بتجارة فإنهم كانوا يرون أن التجارة مع الحج تضيع أجر الحج(فإذا أفضتم) وتوجهتم (من عرفات) التي الوقوف بها معظم أركان الحج (فاذكروا الله) وينبغي أن يكون الذكر بالأذكار الوارة في السنة (عند المشعر الحرام) بموضع جمع وقد بات به النبي صلى الله عليه وسلم ووقف من طلوع الفجر إلي أن أسفر الصبح يدعو الله (واذكروه) ذكرا كثيرا(كما هداكم) لإقامة مناسكه و الطلب لمرضاته (وإن كنتم من قبله) أي من قبل هدايته (لمن الضالين) عن شرائع دينكم(ثم أفيضوا) من عرفة (من حيث أفاض الناس) وسبب نزول الآية أن قريشا كانوتا يقفون بمزدلفة وباقي الناس يقفون بعرفة وفعل قريش ذلك ترفعا على الناس فأمروا بأن يساووهم وقرئ الناس بكسر السين (واستغفروا الله) من ارتكابكم ما لا يليق وتغييركم لأحكامه (إن الله غفور) لمن تاب (رحيم) بمن أناب (فإذا قضيتم) أيها المؤمنون(مناسككم) فرغتم من عباداتكم الحجية (فاذكروا الله) وأكثروا من ذكره والثناء عليه(كذكركم آباءكم) وكان العرب إذا قضوا مناسكهم يقفون بمنى ويذكرون مفاخر آبائهم فأمرهم الله بذكره(أو أشد ذكرا)من ذكركم لآبائكم فإنه الإله المستحق أن يذكر(فمن الناس) بني آدم(من يقول) و يطلب بعبادته ويسأل (ربنا آتنا في الدنيا) أموالا وانتظام دنيا(وما له في الآخرة) لقصده بأعماله الدنيا
(من خلاق) من نصيب (و منهم من يقول) يطلب بعبادته ويسأل (ربنا آتنا في الدنيا حسنة) من صحة وزوجة صالحة وقوة على عبادة (وفي الآخرة حسنة) جنة النعيم و النظر إلي وجه الله الكريم (وقنا عذاب النار) التي هي دار غضب الجبار (أولئك) المؤمنون الطالبون بأعمالهم وأقوالهم وسؤالهم صلاح دينهم ودنياهم (لهم نصيب) حظ وافر (مما كسبوا) جزاء لما عملوا (والله سريع الحساب) فيقضي حسابهم في اليوم الآخر في مقدار نصف يوم (واذكروا الله) المستحق أن يكثر من ذكره على حال وخصوصا بالذكر المشروع (في أيام معدودات) وهو التكبير دبر الصلوات في أيام التشريق و عند ذبح القرابين و رمي الجمار (فمن تعجل) في نفرة من منى (في يومين) في ثاني أيام التشريق بعد أن يرمي الجمار (فلا إثم عليه) في تعجيله (ومن تأخر) بات الليلة الثالثة ورمى الجمار (فلا إثم عليه) أيضا وهذا (لمن اتقى) الله وسلك السبيل الأعلى وفي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحج عرفة من جاء قبل طلوع الفجر من ليلة جمع فقد أدرك الحج وأيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا لإثم عليه (واتقوا الله) واسعوا في مراضيه (واعلموا أنكم إليه تحشرون) فيجازيكم على ما كنتم تعلمون (ومن الناس) نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق الثقفي كان حلو الكلام للنبي صلى الله عليه وسلم وهو منطو على النفاق و يقول و الله إني بك مؤمن ولك محب ولذا قال الله تعالى (من يعجبك قوله) المرونق