بسم الله والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
" الوصايا العشر "
للشيخ محمد بن عثيمين
رحمه الله
الكلام على الوصايا التي في آخر سورة الأنعام
(قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الأنعام:151)
(وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الأنعام:152)
(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (الأنعام:153)
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا،
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده،
فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) [ سورة آل عمران: الآية: 102]،
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله
الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) [ سورة النساء: الآية 1].
أما بعد:
يمكن القول إن جميع الدين وصية من الله عز وجل كل الدين وصية من الله
كما قال الله تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) [ سورة الشورى، الآية: 13]
هذه وصية عامة
(أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه)
كلمتان اشتملتا على الدين الإسلامي كله وعلى توجيه المجتمع الإسلامي أن يقيم الدين وأن لا يتفرق فيه ومن ذلك
قوله تعالى: (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) . [ سورة النساء، الآية: 131].
لكن سميت هذه الوصايا بالوصايا العشر لأن الله تعالى جمعها في مكان واحد وكان يختم كل وصية منها أو كل آية منها بقوله تعالى : (ذلكم وصاكم به)[ سورة الأنعام، الآية : 151].
إن الوصية هي العهد بالشيء عهداً مؤكداً، فكأن الله تعالى عهد إلينا بهذه الأشياء عهداً مؤكداً محتماً علينا فبدأ:-
بقوله عز وجل: (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم). [ سورة الأنعام، الآية: 151] .
والخطاب هنا للرسول صلى الله عليه وسلم وأمره الله تعالى أن يقول هذا القول للناس عموماً.
وأمر الله عز وجل لرسوله أن يقول للناس هذا هو أمر خاص وإلا فإن الله تعالى قد أمر نبيه على وجه عام
أن يبلغ القرآن لكل الأمة.
(ما حرم ربكم عليكم) أي ما حرم ربكم عليكم مخالفته، فهذه الأشياء التي سيوصي بها الله قد حرم الله علينا مخالفتها،
فلابد أن نقوم بها على الوجه الأكمل
وفي قوله تعالى: (ما حرم ربكم عليكم) ولم يقل : ما حرم الله لأن الرب هو الذي له التصرف المطلق في المربوب فالرب هو الرب ويقابله العبد كما قال الله تعالى: (الحمد لله رب العالمين) [ سورة الفاتحة، الآية:1]
فوصف الله نفسه بأنه رب للعالمين كلهم،
والرب هو الذي يملك أن يتصرف فيهم بما شاء من الأمر الكوني والأمر الشرعي.
انتظرونا مع الوصية الأولى...