الوصية الثانية
(وبالوالدين إحسانا)
فجعل الله تعالى حق الوالدين بعد حقه
ومن هما الوالدان؟ هما الأم والأب،
وحق الأم آكد من حق الأب،
ولهذا سُئِل الرسول عليه الصلاة والسلام: " من أحق الناس بحسن صحبتي؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم أمك. قال : ثم من؟ قال : أمك. قال : ثم من؟ قال : أمك. قال : ثم من ؟ قال : أبوك"
وذلك لأن الأم تعاني من الولد أشد مما يعاني الأب. قال الله تعالى:
(ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين) [سورة لقمان، الآية: 14].
والإحسان إلى الوالدين يكون بالقول ويكون بالفعل ويكون بالمال.
الإحسان بالقول أن يقول لهما قولاً ليناً لطيفاً كريماً بحيث يناديهما مناداة إجلال وتعظيم حتى إن بعض العلماء قال : يكره أن ينادي الإنسان أباه باسمه
مثلاً إن كان أبوك اسمه محمد لا تقول :
يا محمد قل : يا أبتي،
إبراهيم عليه السلام يقول لأبيه وأبوه كافر يقول له : يا أبتِ لم تعبد لأن هذا من باب الإكرام ، حتى إذا بلغ الوالدان سناً كبيراً يحصل منه شيء من التعب فإن الله تعالى يقول :
(إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً) [ سورة الإسراء، الآية: 23].
بعض الناس إذا كبر الوالد عنده أو الأم مل منهما وصار ينهرهما وصار يقول لهما قولاً خشناً الله ينهى عن ذلك
(فلا تقل لهما أف) معنى ( أف ) يعني أتضجر منكما
(ولا تنهرهما) بالقول في الصراخ أو العتاب أو ما أشبه ذلك
(وقل لهما قولاً كريماً) ليناً لطيفاً تقر به أعينهما.
هذا الإحسان بالقول إننا نرى بعض الناس يلين بقوله مع زوجته ولا يلين بقوله مع أمه، وهذا مشاهد تجده مع الزوجة يلين لها ويخضع لها ولا ينهرها لكنه مع أمه بالعكس بل مع أبيه إن تمكن وهذا خلاف ما أمر الله به.
الإحسان بالفعل يكون بالخدمة والقيام بمصالحهما. الخدمة البدنية إذا عجزا ساعدهما حتى عند المنام وعند القيام وعند الجلوس يجب على الإنسان أن يقوم ببر الوالدين عند العجز فيعينهما بكل ما يحتاجان إليه من عون.
الإحسان بالمال يجب أن يحسن إليهما بالمال بأن يبذل لهما كل ما يحتاجان إليه من نفقة، كسوة طعام، شراب، سكن إذا كان يقدر على هذا.
فصار الإحسان إلى الوالدين يتضمن ثلاثة أمور : الإحسان بالقول، الإحسان بالفعل، والإحسان بالمال.
وبر الوالدين أفضل من الجهاد في سبيل الله
قال ابن مسعود رضي الله عنه : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : " أي العمل أحب إلى الله؟ قال : الصلاة على وقتها قلت : ثم أي؟ قال: بِرُّ الوالدين. قلت : ثم أي قال : الجهاد في سبيل الله ".
واعلم أن البر بالوالدين، كما هو واجب فإن الله تعالى يثيب البار في الدنيا قبل الآخرة، ولهذا نجد حسب ما علمنا بالسماع والمشاهدة، نجد أن الذي يبر والديه ييسر الله له أولاداً يبرونه وأن الذي لا يبر والديه يسلط عليه أولاده فيعقونه والعياذ بالله، إذاًعرفنا الوصية الثانية الإحسان بالوالدين.
فما ضد الإحسان؟
ضده أمران، إساءة ، وموقف سلبي بين الإحسان والإساءة.
أما المسيء: فلا شك في أنه ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب لأنه عاق وأما السلبي الذي لا يبر ولا يسيء فقد ترك واجباً مما أوجب الله عليه وهو الإحسان إلى الوالدين
قد يقول قائل : لماذا لم يذكر الله حق الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم أن حق الرسول مقدم على حق الوالدين بل مقدم على النفس ولهذا يجب أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليك حتى من نفسك وأبيك وأمك وابنك والناس أجمعين
فإذا قال قائل: لماذا لم يذكر الله حق رسوله؟
فالجواب أن حق الله متضمن لحق الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله جعلهما ركناً واحداً من أركان الإسلام
فقال: " بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت"
فيكون حق الرسول مقدماً على حق الوالدين، لأنه متضمن في حق الله.