اللهم أسالك رضاك والجنة
أسباب حياة القلب وأغذيته النافعة:
اعلم أن الطاعات لازمة لحياة قلب العبد لزوم الطعام والشراب لحياة الجسد، وجميع المعاصى بمثابة الأطعمة المسمومة التى تفسد القلب ولابد، والعبد محتاج إلى عبادة ربه عزّ وجلّ فقير إليه فقراً ذاتياً ، وكما يأخذ العبد بالأسباب لحياة جسده من المداومة على تناول الأغذية النافعة فى أوقات متقاربة ، وإذا تبين له أنه تناول طعاماً مسموماً عن طريق الخطأ أسرع فى تخليص جسده من الأخلاط الرديئة ، فحياة قلب العبد أوْلى بالاهتمام من جسده ، فإن كانت حياة الجسد تؤهله لمعيشة غير منغصة بالمرض فى الدنيا، فحياة القلب تؤهله لحياة طيبة فى الدنيا وسعادة غير محدودة فى الآخرة، وكذلك موت الجسد يقطعه عن الدنيا ، وموت القلب تبقى آلامه أبد الآباد .
وقال أحد الصالحين: " يا عجباً من الناس يبكون على من مات جسدهُ ولا يبكون على من مات قلبه وهو أشد " ، فإذن الطاعات كلها لازمة لحياة القلب وتخص هذه بالذكر – لضرورتها لقلب العبد وشدة الحاجة إليها – ذكر الله عز وجل ، وتلاوة القرآن ، والإستغفار ، والدعاء ، والصلاة على النبىr ، وقيام الليل ".
1- ذكر الله وتلاوة القرآن:
وضرورة الذكر للقلب كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية- :" الذكر للقلب كالماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا أخرج من الماء" ، وقد ذكر الإمام شمس الدين ابن القيّم ما يقرب من ثمانين فائدة فى كتابه :" الوابل الصيب " ، فننقل بعضها بإذن الله تعالى، وننصح بالعودة إلى الكتاب المذكور لعظيم نفعه، ومن هذه الفوائد :
أن الذكر قوت القلب والروح، فإذا فقه العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته ، ومنها أنه يطرد الشيطان ، ويقمعه ، ويكسره، ويرضى الرحمن عزّ وجلّ ويزيل الهمّ والغمّ عن القلب، ويجلب له الفرح والسرور والبسط ، وينور القلب والوجه، ويكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة، ويورثه محبة الله عزّ وجل ، وتقواه ، والإنابة إليه، وكذلك يورث العبدّ ذكر الله عزّ وجل ، كما : } فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ{ ( البقرة :من الآية 152 ) .
ولو لم يكن فى الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلاً وشرفاً ويورث جلاء القلب من الغفلة، ويحط الخطايا .
ورغم أنه من أيسر العبادات، العطاء والفضل الذى رتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال.
يتبع