بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين 00
التصرف في عالم الروح ( للنخبة للمتمكنين فقط )
التصرف في عالم الروح ( الباطن ) نوعان :
الأول : التصريف الطَبيعي الفطري :
وهو حاصل بطبع الروح , وهو يشـملُ كـلَّ البشـر إذا مـا أُتبعـت القوانين الروحانية سواءً بالرياضة أو بالدراسة أو بالاستعانة بالجـن , ويسـتطيع الإنسـان بفعـل هـذه الخاصية أن يتنقل عبر العالم بصورتـه الغـير ماديـة " وتسـمى علميـاً بالصورة الأثيرية "
الجسم الأثيري :
الجسم الأثيري وهو هالة تحيط بالجسم وتسمى بعملية الانبعاث· فالإنسان طوال النهار وبالليل يشع جسد الإنسان هذا الضوء ، وهذا الانبعاث هو لذي يكون الهالة التي تحيط بالإنسان
والتي يمكن رؤيتها لو تم تصوير الإنسان بالأشعة غير المرئية·· وهذه الهالة تسمى الجسم الأثيري , هو بالتأكيد ليس مما تراه العين البشرية ( تماماً مثل الريح والكهرباء والمغناطيسية التي تعرف من آثارها ولا ترى بالعين المجردة ) و هو أخف من الجسم الأرضي وبطابقه في هيئته خلية بخلية ، ويمكن طرح هذا الجسم خارجاً ومؤقتاً عند النوم أو بالإرادة ويكون متصلاً بالجسم الأرضي بواسطة ما يسمى - الحبل الفضي أو الحبل الأثيري أو النوراني ( يشبه إلى حد كبير الحبل السري للإنسان عند ولادته ) ويمكن لذوي موهبة الجلاء البصري رؤية هذا الجسم ، وعند الموت ينفصل هذا الجسم عن الجسم الأرضي بانقطاع الحبل الأثيري المتصل بينهما ، وهذا الجسم يعيش بعد الموت في المرحلة الأولى للسماوات وهو عالم البرزخ حتى يوم القيامة .
إن الجسم الأثيري يتفاعل مع العالمين عالم الفيزياء وعالم الروحانية بعد الموت أي أن الجسم الأثيري يكون حاملا للوعي والإدراك , وليس هو الروح الذي هو جوهر الوعي ( القلب الروحاني ) فالقلب الروحاني يقابله قلب فيزيائي وقلب أثيري والقلب الأثيري هو محل تصرف القلب الروحاني الذي لا يخضع لمنظومتنا الفيزيائية أو الأثيرية ويتصرف يهما وفق قانون الهي مجهول لنا , فالقلب الروحاني يسمى أيضا ( العقل أو الوعي أو الإدراك )
للإنسان عدة صور وهى
1- الصورة الترابية
وهـي الصـورة الإنسـانية المادية , وهـى صـورة عـالم الشـهادة بالنسبة لإدراك الإنسان وأعطي الإنسان تصرفاً واضحاً في هذه الصورة
* ( إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (آل عمران:59)
* ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) (الروم:20)
* ( هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (آل عمران:6)
2- الصورة النارية
وهي الصورة المطابقة لعالم الجـن والتي تمكن الإنسان من التعـامل مع الجـن , فالإنسان خُلقَ من صلصال كالفخـار, يقول تعالى (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ) (الحجر:26) , ( خَلَقَ الإنسان مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) (الرحمن:14)
وهـذا يعنـي أن عنصـر الحرارة دخل في تكوين الإنسان , والحرارة صفة ناريـة . فـالجن فـاقد للصورة الترابية , فلذلك هو اقل درجة في المرتبة الخَلقية , وكذلك فهو فاقد للصورة المائية , لأن الإنسان خُلق من ماءٍ مَهين ولذلك تختلف القوانين بين الجنسين , ولكي يتحقق التعـامل بيـن الجنسـين فـلا بـد لأحدهما أن يخترق قانون الآخر في التعامل ,فلذلك لا يمكننا أن ندرك الجـن إلا من خلال التمثل بصورة قانوننا فنري الجـن على صورة الإنس وليس على صورة الجن , أمـا إذا حـصل العكس واجتاز الإنسان قانون الجان فحينها ينتقـل الإنسـان إلـي ذلـك العالم ولا يدرك صورةً في وعيه المقيد بالأبعاد الثلاثية , وعدم الإدراك يعني النوم أو الغيبوبة مع ضغطٍ على الرأس فيجبر الإنسان على النـوم ولا يستطيع أن يتخلص من هذه الحالة ولو استيقظ لأنه يبقي كالمشـلول بـلا روح فلا سيطرة له على الإدراك والجسم لأنه موجود في قانون مـا وراء الإدراك, وعند العودة للوعي لا يتذكر شيئا مما رأى لأن قانون الجن لا تسجله الذاكرة . يقول تعالى ( إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (لأعراف: من الآية27)
فالإنسان يرى الأشياء الفيزيائية بواسطة انعكاس ضوء الشمس من الشيء إلى عين الإنسان , ورؤية الإنسان ليست مطلقة فهو يرى حسب درجة معينه من الذبذبات فلذلك لا يرى باقي الأشياء , ولنضرب مثالا تقريبيا الطائرات التي لا يسجلها الرادار فهو لا يرها كما أننا لا نرى الجن وكذلك أشعة الشمس لا تنعكس من أجسام الجن إلى عين الإنسان , ولذلك فلا يستطيع الخيال ان يرسم لهم صورة وكيف يرسم صورة من لا يخضع لقانونه .
وكذلك الجن فانه يرى الصورة النارية للإنسان ولا يرى الصورة الترابية ( إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ ) من جهة غير الجهة التي نرى بها الأشياء فنحن لا نرى صورته النارية وهو يرانا لأننا نمتلك تلك الصورة فنحن نتعامل مع سبع أطياف والجن يتعامل مع أطياف أخرى من الشمس لا تخضع لمنظومتنا نحن . فالله تعالى نهانا إن نستمع إلى كلام الجن الضال إذن فكيف يكلمنا ؟ نعم انه يتكلم معنا ويخاطبنا مع الصورة التي يراها هو وقبيله والتي هي جزء منا .
مع ملاحظة أن الجسم الأثيري موجود لدى الصنفين ولكن جسمه الأثيري لا يمثل أي صفة ترابية أو مائية , وجميع الجسام الأثيرية لها تأثيرات متبادلة وترى بعضها كل حسب قانون الأثير العام
3- الصورة الملائكية
وهي الصورة النورانية للإنسان , والتي تؤهلـه لقبـول التجليـات الإلهية , والتعامل مع الملائكة, وتلقي الإلهامات
4- الصورة الربانية:
ونقصد بها النفخة الإلهية في الإنسان والتي بها صـار عـلى صـورة الأسماء الإلهية , وهي صورتان صورة عامة وهي تشمل كلُ إنسان , وصـورة خاصة من أنوار التجليات فيصير العبدُ ربانيا ً فيستحق رؤية اللـه - تعالى - والتلقي عنه وهذه الصورة هي التي تؤهل الإنسان لرؤيـة اللـه - تعالى - , وهي التي بها فُضل الإنسان على العالمين فالإنسان خلقه الله سميعا بصيرا قادرا متصرفا .
5- الصورة الحيوانية
وهي اشتراك الإنسان مع الحيوان في عدة خصائص حيوانيـة فـإن لـم يرتقِ الإنسان إلى المراتب السابقة فهو حيوان فقـد تَغلـب عليـه صفـة الخنزير أو القرد , وهذا ما يفسر المسخ الإلهي ببني إسرائيل بأن جعل الله منهم القردة والخنازير , فردهم إلى أدني مراتب الصور فتجسـدت الصورة من الصورة الحيوانية النفسية إلى الصـورة الحيوانيـة الماديـة وهي أقبح الصور . فهذه الصور هـي سـر تصـرف الإنسـان في الكـون فمـن تصـرف بـالصورة الحيوانية فيؤثر على المخلوقات الأخرى شـهوانياً , فقـد يتنقـل ذلـك المتصرف بقوة روحه أو بقوة الجـن فـيرتكب معصيـة مـع الجــن أو مـع الصور الإنسانية المطابقة , فيؤثر ذلك على الجسـد فتحـدث التـأثيرات المادية بين الصور الإنسانية , هذا مثال وقس على باقي الأمور.
فالتصرف الروحاني الطبيعي يشمل المؤمن والكـافر, فـالمؤمن قـد يتصرف في العالم المخفي بواسطة قوة روحه , ولكنه مطالب بالخضوع لأحكام الحلال والحـرام والعدل الشـرعي , فروح الإنسان تتصرف في عالم الأثير كل حسب ما قدر له .
إن التصـريف الروحـاني الطبيعـي لا يُعـد كرامـة و لا مقياساً للإيمان , وهذا يعني أن الكشف الروحاني والتصـرف الروحـاني لا يجب أن يُنظر إليهما على أنهما علامـة إيمـانٍ أو كرامـة "" وهـذه أمانةٌ يجب علىَّ أن أبلغها فالتجارب والدراسات دلت على هذه الحقيقة , وقد خُدع الكثير من أبناء المسلمين وعلماؤها بهذا الموضوع , فالأرواح تؤثر على بعضها سواء بالتصرف الواعي أو التصرف اللاواعـي الذي سببه التأثر والإعجاب والتعلق والمحبة بشخصية المؤثر , فالمتصرف الواعي في الحالة الروحية الطبيعية قد يؤثر فكريـا وخُلقيـا وسـلوكيا على المُسيطر عليه بفعل قوة الروح عند المؤثر الذي لا يتقيـد بقـانون العدل الإلهي
أما التصريف الروحاني الوهبي :
فهو محل النظر " ونقصـد بـه أن يعطـي اللـه - تعـالى - الإنسـانَ تأثيراً بفعل قوة الروح مباشرة كرامة وتأييداً للعبد المؤمن مع وجود الإرادة البشرية في التأثير وهذا مطـابق للتصـريف فـي عـالم الشـهادة ومكمل له , وصاحب هذا الحال يحاسب على تصرفه وهو إمـا أن يتـأدب فـلا يرى لنفسه ولا لغيره تصريفاً فيزيده الله - تعـالى - نعمـة وكرامـة , وإما أن يُمكَر بهِ - نعود باللهِ من مكر الله - فيرى نفسـه وفعلـه وهذا مُستدرجٌ مسلوبٌ في نهاية أمره , فمن رأى أنَّ اللهَ هو المتصرف في عالم الشهادة عَلِمَ يقيناً أن المَلك الحـق هـو المتصـرف فـي كـل أكوانه فيلزم حَده وقدره ,وهذا العبد يكونُ محفوظا من سـيطرة الأرواح الإنسية والجنية والشيطانية عليه "وهو يتصـرف بقـانون العـدل الإلهـي بفضل تجليات الملك القدوس العدل فيكون تصرُفه محفوظاً .