الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا ريب أن عشر ذي الحجة من أفضل الأيام وأعظمها عند الله وفضل العبادة فيها عظيم، وقد فصلنا ذلك في الفتوى رقم: 13779، وقد استحب أهل العلم صيام الأيام التسعة من ذي الحجة، لما ورد في مسند أحمد وسنن النسائي عن حفصة رضي الله عنها قالت: أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عاشوراء، والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة. والمراد التسعة الأولى من ذي الحجة، إذ يحرم صوم يوم النحر اتفاقاً، وهذا الحديث ضعفه بعض أهل العلم كالألباني والأناؤوط ولكن الاستدلال به مع ذلك يظل سائغا , وذلك لسببين: الأول : أنه في فضائل الأعمال ، وأنه قد انطبقت عليه شروط الاستدلال هنا لأنه ليس شديد الضعف ومندرج تحت أصل هو الترغيب في العمل الصالح في أيام العشر يكفي في ذلك ما بيناه في الفتوى التي أحلنا إليها في صدر هذا الجواب ، ولا شك أن الصوم من الأعمال الصالحة.السبب الثاني : هو أن له شاهدا صححه الألباني وهو في سنن أبي داود بلفظ " كان رسول الله صلة الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس"
وقد جاء في فضل قيامها ما رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة، يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر. وهو حديث ضعيف، وقال عنه الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس.
ولعل من قال بأن أجر صيامها وقيامها مثل ليلة القدر قد استدل بهذا الحديث، وهو ضعيف كما ذكرنا، وإن كان قيام الليل في هذه الأيام داخلاً في عموم حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما العمل في أيام أفضل منها في هذه، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله ولم يرجع بشيء. رواه البخاري.
وقد تكلم العلماء في التفضيل بين العشر الأواخر من رمضان وعشر ذي الحجة، ولعل أعدل الأقوال في ذلك ما ذهب إليه ابن تيمية رحمه الله من كون عشر ذي الحجة أفضل بنهارها، والعشر الأواخر من رمضان بليلها، لكونها فيها ليلة القدر.
م/ن