بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين
موسوعة صحف الطيبين في أصول الدين وسيرة المعصومين
تجلي نور الله السيد في سيد الآيات
آية الكرسي
بيان فضائلها وملاك سيادتها وعظمتها وشأنها الكريم
وظهور آثارها وفوائدها في أدوار حياتنا
مصباح الهدى / النور الثالث :
فضل قراءة آية الكرسي في أيام الله والمناسبات المهمة
تذكرة : في معارف آية الكرسي والمناسبات الإسلامية :
يا طيب : آية الكرسي سيد آي كتاب الله ، وفي كل تدبر في المستحبات لأعمال الأيام والأشهر ، سواء من صلوات النوافل أو في الأدعية العامة أو الخاصة لحالات معينة كما سيأتي أو في آداب النوم وغيرها ، ترى آية الكرسي تتصدر الأعمال وتدخل في أغلبها سواء نصا أو قسم من فقراتها وفي كلماتها، وبعد أن عرفنا دخولها في الصلاة اليومية ، الآن ندخل في معرفة ثواب تلاوة آية الكرسي في الصلاة التي تكرر في كل شهر مرة أو تعمل في كل شهر ، أو كما يقال تعمل في السنة مرة حتى لو كان دعاء.
وبهذا التفصيل : نتعرف أكثر على الشأن العظيم لآية الكرسي ولفضل تلاوتها وجزيل ثوابها فنتيقن سيادتها ونصر على المواظبة على تلاوتها لكل أمر مهم في حياتنا ، ونسأل الله بعدها أن يهب لنا ما نرجوه منه ، بل لمجرد الطاعة والعبادة وحب القرب من الله تعالى يستحب تلاوتها بل يحسن تكرار تلاوتها .
ويا طيب : سنرى هنا في تلاوتها للأشهر أمرا كريما آخرا ، هو أنها تقرأ في أكرم الأشهر وفي الأعياد ، وفي أيام الله المهمة التي خُص بها عبادة معينة نتقرب بها لله، سواء أيام الصيام ، أو أيام الحج ، أو الأيام المهمة التي حدث فيها حوادث إسلامية مهمة كيوم الغدير ويوم المباهلة والتصدق بالخاتم ، أو في سبعة وعشرين من رجب يوم المبعث ، أو في يوم النصف من شعبان ، والأيام المهمة في تأريخ الدنيا ، والتي حب الله تعالى أن يتقرب له بها ، وخصها بمكارم نزول الرحمة فيها ، فنرى آية الكرسي تتصدر أعمالها ويستحب تكرارها وتلاوتها في نوافلها وما يتقرب له به فيها ، وبهذه المعرفة يا طيب تتضح بكل يقين سيادتها وأهميتها وعظمتها بالنسبة لتشريع الله و معارفه .
ويا طيب : إن من له أنس بمعارف الدين وسعة كرامة الله سبحانه وتعالى لأوليائه ، يرى إن إقامة أعمال بسيطة من تشريع الله سبحانه ، وإتيان آداب من الدين قليلة ، والعمل بأخلاق فاضلة يسيرة ، بل تعلم شيء من هدى الله ولو في المستحبات والإيمان به ، له أجر عظيم وثواب جزيل ، يفوق حد التصور ، ويسمو على الأجر الدنيوي وآثاره فيها ، فيصعد لمقام العرش ويخزن في خزائن الرحمة والبركة وينمو حتى يوافيه .
وإن ما تراه من الثواب الجزيل : لما عرفت من النوافل وما سترى ، وبالخصوص لأيام الله الآتية ، لهو أعلى الثواب وأكثره وأفضله لأهم الأعمال الدينية ، وإن آية الكرسي ركن فيه ، مما يعرفنا شرفها وآثارها العظيمة في جلب رحمة لله لنا دنيا وآخرة .
وذلك لأن المؤمن : يتوجه لرب عظيم يهب لمن يشاء ما يشاء بدون أن ينقص في ملكه ، بل له الملك والأمر في الأول والآخر ، وإن مقام الكرسي يسع السماوات والأرض ، وسترى عظمته ، بل سترى أن العرش يفوقه بالسعة فوق حد التصور ، فيهب للعامل بالنوافل من الأجر والثواب من المدن والقباب والبساتين والأنهار لمن بعمل عمل يتم في دقائق ، لهو هين عند الله ، وليس يحسب شيء أمام عظمة الله سبحانه ، وهو بيان عظمة الله وسعة ملكه ، ولكرامة المؤمن المعتقد بهدى الله عند الله العلي العظيم .
وإن العبد المخلص لله الدين : قد يتلفظ بكلمات التوبة والاستغفار صادقا ، فيخرج من جحيم النار إلى رضا الرب الرحمان الرحيم الغفار ، ويدخل جنته ، لأنه عرفت في أول النور السابق من شروط الإيمان وقبول الأعمال هو التخلي المادي والمعنوي الروحي من كل الخبائث حتى يحصل محل لتحلي النفس بالفضائل وثواب الله ، ويحصل له استعداد تام لتقبل نور الله سبحانه .
فإنه يا طيب : شرط التوبة هو الإيمان والعمل الصالح والتحقق بكل هدى الله سبحانه مخلصين له الدين ، وهو التحقق بولاية الله والدخول بها بعد التوبة وكما جاء في قوله سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى (82) }طه.
فإنه من تاب أي تخلى عن كل عمل خبيث ، وظلم وطغيان وغي ، وأرجع الحقوق إلى أهلها وأصلح ما كان سبب بفساده ، كما عرفت في آيتين بعد آية السخرة :{ إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ
أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ (54) ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ الله قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ (56)} الأعراف .
فإن من يكون معتدي لا يحبه الله : وليس له محل لتحقق فضائل الله وتجلي نوره فيه ما دام لم يخرج من الاعتداء للعمل الصالح وفق هدى الله ، ويكون محسن فتكون رحمة الله قريبة منهم ، بل يتحقق بها حين الشروع بالعمل الصالح وفق هدى الله ، وإن آية السخرة هي حكاية أخرى بأسلوب آخر لآية الكرسي كما عرفت نصها وهو :
{ اللّهُ لا إله إلا هو الحي القيوم لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌلَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)} البقرة .
ثم يؤمن بكل تعاليم الله ويعمل الصالحات وفق سبيل الهدى .
وإن إقامة هذه الأعمال : الكريمة وفيها تلاوة أعلى معارف هدى الله والإقرار له بالعظمة ، ومعرفة أن يجب التحقق بالرشد وحب أولياء النعيم والاقتداء بهم والسير على صراطهم المستقيم ، واجتناب الغي والظلم والطغيان ورفض وعدم حب أولياء الطاغوت ، لهو توبة لمن يصدق في تلاوتها وطلب التحقق بنورها ، وبهذا نتحقق بهذه الأعمال الكريمة التي تراها في هذه الإشراقات وما مر من جزيل ثواب الله للمخلص بها .
منقول